رقم الإیداع فی دار الکتب والوثائق __ وزارة الثقافة العراقیة لسنة 2013؛ 335
الرقم الدولی ISBN: 9789933489724
الحلی، میثاق عباس
یتیم عاشوراء من أنصار کربلاء: محمد الأصغر بن الإمام علی علیهما السلام المکنی بأبی بکر رضی الله عنه: دراسة وتحلیل / تألیف میثاق عباس الخفاجی الحلی؛ [تقدیم محمد علی الحلو]. – ط.1. - کربلاء: العتبة الحسینیة المقدسة، قسم الشؤون الفکریة والثقافیة 1434ق. = 2013م.
128 ص. - (قسم الشؤون الفکریة والثقافیة؛ 122).
المصادر: ص115 – 119.
1 . محمد الأصغر ابن علی بن أبی طالب (ع)، 37؟ - 61ه_ . – السیرة. 2. محمد الأصغر بن علی بن أبی طالب (ع)، 37؟ - 61ه_ . – شهادته – شبهات وردود . 3. واقعة کربلاء، 61ه_. – شهداء – الهاشمیون . 4 . الأسماء العربیة – تاریخ – شبهات وردود. ألف. الحلو، محمد علی، 1957 - م. مقدم. ب . العنوان.
BP 80. M9437 H556 2013
تمت الفهرسة قبل النشر فی مکتبة العتبة الحسینیة المقدسة
ص: 1
بسم الله الرحمن الرحیم
ص: 2
ص: 3
محمد الأصغر ابن الإمام علی علیهماالسلام
المکنی بأبی بکر (رضی الله عنه)
دراسة و تحلیل
الشیخ میثاق عباس الخفاجی الحلی
ص: 4
جمیع الحقوق محفوظة
للعتبة الحسینیة المقدسة
الطبعة الأولی
1435ه_ - 2014م
العراق: کربلاء المقدسة - العتبة الحسینیة المقدسة
قسم الشؤون الفکریة والثقافیة - هاتف: 326499
www.imamhussain-lib.com
البرید الالکترونی: info@imamhussain-lib.com
ص: 5
بسم الله الرحمن الرحیم
«رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَیْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَی نَحْبَهُ
وَمِنْهُمْ مَنْ یَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِیلاً».
سورة الأحزاب الآیة 23.
قال الإمام الحسین علیه السلام لأصحابه:
(اثنی علی الله أحسن الثناء واحمده علی السراء والضراء، اللهم إنی أحمدک علی أن أکرمتنا بالنبوة وعلمتنا القرآن وفهمتنا فی الدین وجعلت لنا أبصارا وأسماعا وأفئدة فاجعلنا من الشاکرین، أما بعد فانی لا اعلم أصحابا أوفی ولا خیرا من أصحابی ولا أهل بیت ابر ولا أوصل من أهل بیتی فجزاکم الله عنی خیر الجزاء ألا وانی لا أظن یوما لنا من هؤلاء ألا وانی قد أذنت لکم فانطلقوا جمیعا فی حل لیس علیکم حرج منی ولا ذمام هذا اللیل قد غشیکم فاتخذوه جملاً) ((1)).
ص: 6
إلی أبی الشهداء علیه السلام الحسین بن علی (علیهماالسلام)
وشهید کربلاء محمد الأصغر ابن علی بن أبی طالب (علیهماالسلام) المکنی بابی بکر أو بکر بن علی (رضی الله عنه)
إلی أنصار الحسین (رضوان الله تعالی علیهم)
إلی السائرین علی طریق الجهاد والتضحیة
إلیهم جمیعا اُهدی هذا المجهود.
واسأل الله تعالی القبول.
ص: 7
لم تنفک واقعة کربلاء عن البحث فی تداعیاتها وقد حجبها التاریخ السیاسی الذی فرض علی المتلقی توجهات السلطة وفرض سیاستها بما ینسجم والنص التاریخی المبرمج علی أساس دواعی الحاکم وتوجهاته، ودعت هذه الإمکانیة السیاسیة فی التغییب والإلغاء علی إخفاق النص التاریخی الصحیح من أخذ الصدارة فی واجهة الأحداث ما لم تحرکه جهود البحث والتنقیب لیأخذ دوره فی إبراز الحادثة بواقعها التاریخی، ولعل واقعة کربلاء أکثر الوقائع التی عانت من غیاب النص التاریخی الذی یُترجم للواقعة وشخوصها کونها الأکثر تأثراً بالتغییب السیاسی وجهود السلطة التی ما فتئت تعمل علی إخفاء الحقائق وتهمیشها، وبذلک فمن العجیب أن نجد أن تاریخیة الواقعة بنصوصها صمدت فی وجه محاولات التغییر حیناً والتغییب أحیاناً أخری، وقد لاقت بعض النصوص محاولات الإجهاز علیها
ص: 8
ووأداها إما بتحریفها أو بمحاولة إلغائها، ومن جملة هذه النصوص التی أجهز علیها النظام السیاسی بفعالیته التغییبیة هو الشهید محمد الأصغر ابن الإمام علی ابن أبی طالب علیهم السلام والذی اختلف المؤرخون فی شهادته _ وعلی أقل تقدیر فی کربلاء أو بعدها _ أو فی تسمیته بأبی بکر لمصادرته لصالح رؤیة سیاسیة مقیتة صادرت الکثیر من الحقائق وحاولت تدویلها لقضایا سیاسیة غیر واقعیة، الا أن البحث الذی بین أیدینا قدّم محاولة مهمة فی استنطاق النصوص التاریخیة والاستفادة منها لکشف الوقائع وتشخیص الحقائق، فکان مؤلفه سماحة الشیخ میثاق الحلی موفقاً فی معالجة الکثیر من الإرباکات التاریخیة التی أوقعها النظام السیاسی ومحاولة قلب الوقائع وتحریفها، وما زالت کربلاء تنبض بالکثیر من الحقائق کما انها تنبض بالحیاة.
عن اللجنة العلمیة
السید محمد علی الحلو
ص: 9
لقد کانتْ ثورةُ الإمامِ الحُسین علیه السلام ثورةً إسلامیةً کُبْری ضدَ الحکمِ الأموی الفاسدِ، المتمثلِ بیزیدَ بن معاویةَ ومستشاریِهِ من أعوانِ مَنْ سَبَقَهُ مِنَ الذینَ سیطروا علی الوضعِ السیاسی، حتی أصبحَ الأمرُ والنهیُ بیدِ مجموعةٍ مِنْ أَبنَاءِ الطُلَقَاءِ والمُتَمَلِقِینَ للسلطةِ علی حسابِ الأُمةِ الإسلامیةِ، وقد کانَ لهذا التَسَلُطِ أَسْبَابٌ ومقدماتٌ، فهو نتیجةٌ لسیاساتٍ غیرِ شرعیةٍ مِنْ قِبَلِ المُتَسَلِطِینَ علی الحٌکِمِ بَعْدَ رَحِیلِ الرسولِ الأکرم صلی الله علیه وآله وسلم.
لقد مَهَدَتْ دَوْلَةُ الخِلافَةِ بِصُورةٍ مُبَاشِرةٍ أو غَیرِ مُبَاشِرةٍ لحکمِ بَنِی أُمَیْةَ وخالفوا قولَ الرسولِ صلی الله علیه وآله وسلم: أَنَّ الخِلافَةَ حرامٌ علی بَنِی أُمَیةَ، وقولُه صلی الله علیه وآله وسلم: اِقتلُوا معاویةَ إذا رأیتُمُوُهُ علی منبری.((1))
ص: 10
إلا أنَّ صمتَ البعضِ وخٌنوعَ الآخرِ قد ساعدَ علی مُخالفةِ قولِ الرسولِ صلی الله علیه وآله وسلم، بل إنَّ بعضَ خُلفاءِ العصرِ رفعوا مِنْ مَقامِ بَنی أُمیَةِ علی رقابِ المسلمینَ وجعلوا لهم المناقبَ والفضائلَ فضلاً عن اضطهادِ الصالحینَ والمعارضینَ لمواقفِ الخلفاءِ غیرِ الشرعیةِ.
ولقد اِنْطلقَ موکبُ أبی الشُهداءِ الثائر المُتَمَثلُ بالبیتِ المحمدی العلوی والعقیلاتِ وأنصارِ الحسین (علیهم أفضلُ الصلواتِ والسلام) لمواجهةِ التَسلطِ الأموی مَعَ خُذلانِ الناصرِ وقِلةِ العددِ حاملاً شعارَ الإصلاحِ فی أُمةِ جدِهِ صلی الله علیه وآله وسلم، بعد أن أصابَها الخُمولُ والسُباتُ عن نُصرةِ صوتِ الحقِ وتَحکمَ بِهم أَهْلُ البَغی وأَبناءُ الطُلقاءِ وأنزَلُوا بالمسلمین سوءَ العذابِ من تشریدٍ وتهمیشٍ لأصحابِ رسولِ اللهِ صلی الله علیه وآله وسلم والتابعینَ حتی وَصَلتِ الِخِلافَةُ إلی یزیدَ بن معاویةَ الفاسقِ الماجنِ فصارَ یتحکمُ فی شُؤونِ المسلمینَ.
فکانَتْ الثورةُ الحسینیةُ أولَ انطلاقةٍ ضدَ الحُکمِ الأموی المُنْحَرف، مبتدئةً من المدینةِ ومستقرةً فی کربلاء بمشیئةِ اللهِ تعالی حاملةً مشروعَ الإصلاحِ والتغییرِ فکانتْ کربُلاءُ الشهادةِ والعبرةِ، فقد قدمَ أبو الشهداءِ علیه السلام أصحابَهُ وأهلَ بیتِهِ ونفسه قرابینَ من أجلِ الإسلامِ وقد ذَکرَ التاریخُ مواقفَهم البُطولیةَ إجمالاً أو تفصیلاً، ورَسَمَ لهم الأدُباءُ والخُطبَاءُ أَجْمَلَ صورِ التضحیاتِ والفِداءِ.
ص: 11
وکان فی هذهِ القافلة سیدٌ علویٌ قد أخفی التاریخُ دورَهُ فی میدانِ کربلاء علی مرِ السنین ولم یُعْطَ حَقَهُ حتی نَسِیَهُ أهلُ العلمِ مِنَ المُحَقِقِینَ والبَاحِثِینَ والخِطَابَةِ والأَدَبِ الحُسیِنی. شَخْصِیةٌ عَلویةٌ مِنْ أبطالِ کربلاء، إَنَّهٌ أبو بکر بن علی بن أبی طالب رضی الله عنه شهیدُ کربلاء المدفونَ فی الحِلةِ الفَیحاءِ فی مَنَاطقِ عَزَةَ من قُرَی خَفاجةِ.
ومن هنا کان مِنَ الواجبِ التاریخی والانتماءِ المدنی((1)) إفراد بحثٍ عن هذه الشخصیةِ الشابةِ مِنْ أبطالِ کَربلاء، وقد أَسَمیتُهُ ب_(یتیم عاشوراء من أنصار کربلاء)، وأعنی بهِ المُنقَطِعَ عن الذکرِ فی مواسم عاشوراء الحسین علیه السلام فإِنَّ الغالبَ إِنْ لم یَکنِ الجمیعُ مِنْ أبطالِ الطفِ یذکرونَ فی العَشَرةِ الأولی مِنْ أیامِ عاشوراء، وقد جُعِلَ لکلِ واحدٍ أو جماعةٍ یوماً ولیلةًٍ خاصةًٍ به، إلا هذا السیدَ العلویَ الهاشمیَ لا ذِکْرَ لهُ، ولذا فهو مقُطوعٌ أثَرُهُ کلیاً فی أیامِ عاشوراء وکَذَلکَ فی عَالمِ البحثِ والکِتَابَةِ.
ومما وفقنا له هذا الکِتَابُ الذی بین یَدَیکَ وهو دراسةٌ موجزةٌ فی سیرةِ ومواقفِ محمد الأصغر ابن أمیر المؤمنین فی کربلاء من یوم عاشوراء.
فقد نقبتُ فی مناجم التاریخِ لاکتشافِ دُرَرهِِ وحَقَائِقِهِ ومَواقِفِ بطلٍ مِنْ
ص: 12
أبطالِِ کربلاء وکَشَفْتُ عن دَورِهِِ فی أَحدَاثِِ وَاقِعَةِِ الطفِ فَوَجَدْتُ ما خَفِیَ علی الباحثِ اللبیب، فجمعت أدلتها ثم َصِغْتُهُا بما تفضلَ المولی سُبْحَانَهُ علیَّ مِنْ بَرَکاتِ لَیَالِی عَاشُوراءَ، فکانت بهذه الحُلة الجمیلةِ والأدلة المتینة من مصادرها الجلیلة، وضمنها اسطرا فی هذا الکِتَابِ ً فکان یتیما بحق فی وقته.
وَقَدْ وَضَعْنَاهُ خِدْمَةً لِلتُراثِِ الحُسینی وَدَعْمَاً لِمَسِیرَتِهَا الَمُبَارَکَةِ وَلِرُوَاد ِالمِنْبَرِ الحُسیِنِی وَفَقَ اللهُ تعالی خَدَمَتَهَ لکلِ خیرٍ والسیرِ علی مَنْهَجِ رَائِدِهِ الإمام الَحُسَینِ علیه السلام، فإِنَّّّّهُ مُصْبَاحُ الهُدَی وسَفِینَةُ النَجَاةِ.
وقَدْ جَعَلتُ الکتابَ فی مقدمةٍ وثلاثة فصول.
فالمقدمةُ: تَضَمَنَتْ أسبابَ التسمیةِ والغَرضَ مِنَ الکِتَابِ.
والفصلُ الأولُ: تَضَمَنَ ثلاثة مطالب:
الأول: تضمن الحدیث عن زوجات الإمام علی علیه السلام.
والثانی: فی أبناء الإمام علی علیه السلام.
والثالث: فی النساء اللاتی کن فی کربلاء یوم عاشوراء.
وتضمنَ الفصلُ الثانی: ثلاثة مباحث وکل مبحث فیه مطالب:
الأول فی زواج الإمام علیه السلام بالسیدة النهشلیة.
والثانی فی مولد محمد الأصغر ونشأته والثالث فی تحدید اسمه وکنیته.
والمبحث الثانی فیه مطلبان:
الأول: فی الأدلة القطعیة علی شهادته.
ص: 13
والثانی: فی کَیفِیَةِ شَهَادَتِهِ رضی الله عنه.
والمبحث الثالث: فی المصادر التی لم تذکر شهادته رضی الله عنه.
وتضمن الفصل الثالث: تمهیداً وثلاثة مباحث.
التمهید حول طبیعة الأسماء فی الجاهلیة.
والمبحث الأول فیه مطلبان:
الأول: فی تسمیة أبناء الأئمة (علیهم السلام) بالأصحاب.
والثانی: فی حقیقة اسم الخلیفة أبی بکر والتسمیة به.
والمبحث الثانی فیه مطالب:
الأول: کثرة اسم عمر فی العرب.
والثانی: فی نهی الخلیفة عمر بن الخطاب عن التسمیة باسم الرسول صلی الله علیه وآله وسلم.
والثالث: فی کثرة اسم عثمان عند العرب. وللأمانةِ العلمیةِ، فقد إعتَمَدْنا کثیراً علی کتابِ التسمیاتِ للسید علی الشهرستانی حَفِظَهُ اللهُ تعالی إتماماً للفائدةِ. وأخیراً نسألُ اللهَ تعالی التوفیقَ لخدمةِ القضیةِ الحسینیةِ والتفضلَ علینا بقبولِ هذا الجهدِ المتواضعِ وأنْ ینفعنا به (یَوْمَ لا یَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلاّ مَنْ أَتَی اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِیمٍ).((1)) إنَّهُ سمیعُ الدعاءِ والصلاة والسلام علی محمد وآله الأطهار.
المؤلف
ص: 14
ص: 15
وفیه مباحث:
الأول: زوجات الإمام علی علیه السلام.
الثانی: أبناء الإمام علی علیه السلام.
الثالث: نساء مع الإمام الحسین علیه السلام.
ص: 16
ص: 17
تزوجَ الإمامُ علیٌّ علیه السلام مجموعةً مِنَ النساءِ لا رغبةً فیهنَّ وإنَّما من أَجلِ رِعایتِهِنَّ أو لِتَقویةِ العلاقاتِ الاجتماعیةِ بین العشائر والقبائلِ، فقد کانتْ أّغلبُهنَّ أراملَ، قد فقدنَّ أزواجَهُنَّ ولدیهنَّ أیتامُ((1)) وکانَ فی عَمَلِهِ هذا
ص: 18
ص: 19
متأسّیاً برسولِ الله وسیرتِهِ صلی الله علیه وآله وسلم، فهو أبو الأیتامِ والأراملِ کما ذکرَ ذلکَ فی وصیتِهِ لِوَلَدِهِ الحسن علیه السلام قَبلَ شَهادَتِهِ علیه السلام. وکما هو مشهورٌ منْ سیرتِهِ علیه السلام، وقد رُزِقَ مِنْهُنَّ سبعةُ وعشرونَ ولداً ذکراً وأُنْثَی، ومجموعُ أزواجِهِ علیه السلام کما ذکرَ المُؤَرِخُونَ هنَّ:
أولا: فاطمةُ الزهراءِ علیها السلام((1)): وأولادُها خمسةٌ وهم الحسن، والحسین، وزینب الکبری، وزینب الصغری المکنّاة بأم کلثوم والمحسن السِقْطِ الذی أَسقَطَتْهُ عندما رَوَعَها القومُ وهَجَمُوا علی دارِ علیًّ علیه السلام مِنْ قِبَلِ بعضِ مَنْ یَزْعُمُ صُحْبَةَ رسولِ الله صلی الله علیه وآله وسلم.((2))
ص: 20
ثانیا: أُمامةُ بنتُ أبی العاص((1)): تزوجتْ أُمامةُ مِنَ الإمامِ علیِّ بن أبی طالب علیه السلام بعدَ وفاةِ السیدةِ فاطمةَ الزهراءِ علیها السلام، وقد زوّجَها لَهُ الزبیرُ، وکانتْ فاطمةُ الزهراءُ علیها السلام قد أَوصتْ علیًّا بأنْ یتزوجَ بأُمامة بعد وفاتِها، فتزوجَهَا فی خلافةِ عمرَ بن الخطابِ.وبَقیتْ أُمامةُ زوجةً لعلیٍّ علیه السلام حتی أُسْتُشْهِدَ علیه السلام، فتأثرتْ وحَزِنَتْ حُزنًا شدیداً وفقدتْ بغیابهِ زوجاً ونصیراً. قال القمی: أَنجبتْ لعلیِّ بن أبی طالب علیه السلام محمداً الأوسط وقیل: لم تُنْجِبْ.((2))
ص: 21
ثالثا: خَولةُ بنتُ جعفر بن قیس الحنفیّة: مِنْ قبیلةِ بنی حنیفة التی اِمتَنعَتْ عن دفعِ الزکاةِ للخلیفةِ أبی بکر لعلمِهِم بإِنَّ رسولَ اللهِ صلی الله علیه وآله وسلم نصبَّ علیاً علیه السلام خلیفةً فی غدیرِ خُمٍ، فهجَمَ علیهم خالدُ بنُ الولیدِ وقتلَ زوجَها وسباها((1))، وبعد إِطلاقِ سَرَاحِها وإِنتهاءِ عدتِها تَزَوَجَها
ص: 22
الإمامُ علیٍّ علیه السلام، فرُزِقَ منها محمداً المکنی بأبی القاسم وقد بشرَهُ به رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم،((1)) وعُرِفَ عنه ب_ (محمد بن الحنفیة) نسبةً لامهِ رضی الله عنها.
رابعا: أمُ البنین: وهی فاطمةُ بنتُ حزام بن خالد بن ربیعة الکلابیة وتزوجتْ من أمیرِ المؤمنین الإمام علی بن أبی طالب علیه السلام بعد سنةِ (24) للهجرةِ الشریفةِ، وذلک لأنَّ الأمیرَ علیه السلام تزوجَهَا بعد أُمامةَ بنتِ زینب علی أشهرِ الروایاتِ. وأولادُها العباس أبو الفضل وعبد الله وجعفر
ص: 23
وعثمان. وهؤلاءِ قُتلوا جمیعاً تحتَ رایةِ الإمامِ الحسینِ علیه السلام فی کربلاء، أشهرُهم العباس وقد کانَ حاملَ لواءِ أخیِهِ الحسین علیه السلام، وساقی عطاشی کربلاء، وهو أکبرُهُم علیه السلام وأما عبدُ اللهِ فقُتِلَ ولُهُ خمسٌ وعشرون سنةً، وقُتِلَ جعفرُ بن علیٍّ ولُهُ تسعَ عشرةَ سنةً. ((1))
خامساً: أمُّ حبیب بنت ربیعة،((2)) واِسمُهَا الصَهْبَاءُ، من السبی الذین أغارَ
ص: 24
علیهم خالدُ بن الولید بعینِ التمرِ، ورُزِقَ منها عمرَ((1)) ورقیّةَ. وقِیلَ مِنْ سَبْی خالدِ بنِ الولیدِ مِنْ عَینِ التمرِ فاِشتَراهَا أمیرُ المؤمنینَ علیه السلام وکانَ عمرُ ذا لسنٍ وفصاحةٍ وجودٍ وعفةٍ.((2))
سادسا: أسماء بنت عمیس الخثعمیّة((3)) تزوجها أبو بکر ورُزِقَتْ منه
ص: 25
محمداً وبعد وفاتِهِ تَزَوجَها الإمامُ علی علیه السلام ورُزِقَ منها یحیی((1))، وقیل: (یحیی وعون أمهما أسماء بنت عمیس).((2))
سابعاً: اُمُّّ سعید بنت عروة بن مسعود الثقفیّ ((3)): وأُمُّ الحسن ورملة، أمهما أم سعید بنت عروة بن مسعود الثقفی((4)). قال الطبری: (وتزوج- الإمام علی علیه السلام - أم سعید بنت عروة بن مسعود بن معتب بن مالک الثقفی، فولدت له أم الحسن، ورملة الکبری).((5))
ثامناً: محیاةُ بنتُ امرئِ القیسِ بن عدی بن أوس بن جابر بن کعب بن علیم من کلب. ((6)) وقد أنجَبَتْ لهُ بنتاً لم یُعرَفْ اِسمُها، ذکرَ ذلکَ أُبنُ سعدٍ فی طبقَاتِهِ، وماتَتْ وهی صغیرةٌ.((7)) وکذلکَ اِبنُ شهر أشُوب: رُزِقَ مِنْ مَحیاةَ بنتِ
ص: 26
امرئِ ألقیسِ الکلبیةِ:جاریة هلکتْ وهی صغیرةٌ. ((1))
تاسعاً: نساءٌ أُخرُ: لم یذکرْ المؤرخون أنَّ الإمام علیّاً علیه السلام رُزِقَ لُهُ مِنْهُنَّ أمثال: نفیسةَ وهی اُمَّ کلثوم الصغری، وزینبَ الصغری، ورقیّةَ الصغری، واُمَّ هانئ، واُمَّ الکرامِ، وجُمانةَ المکنّاة باُمِّ جعفر، وأُمامةَ، واُمَّ سلمة، ومیمونةَ، وخدیجةَ، وفاطمةَ.((2))
عاشراً: لیلی بنتُ مسعودٍ الدارمیّة ورُزِقَ منها الإمامُ علیٌّ، علیه السلام محمّداً الأصغر المکنّی بأبی بکرٍ، وعبیدَ اللهِ الشهیدین مع أخیِهِما الحسین علیه السلام بطف کربلاء ((3)) وقِیلَ أَنَّها قد حَضَرَتْ واقعةَ الطفِ وعاشتْ مأساةَ کربلاء وقَتْلِ ولدِها.((4)) وهو لیسَ بصحیحٍ فإنَّها لم تحضرْ کربلاء وسیأتی الحدیثُ عنها إنْ شاءَ اللهُ تعالی.
هذا ما یُمکنُ الإشارةُ إلیهٍ ِوذِکْرُهُ باختِصَارٍ عن أزواجِ الإمامِ علیِّ بن أبی طالب علیه السلام، وإنَّما ختمنَاهُ بِذِکْرِ السیدةِ لیلی بنتِ مسعود الدارمیة النهشلیة أُم السید محمد الأصغر أبو بکر بن علی بن أبی طالب علیهم السلام لندخلَ فی صلبِ الموضوعِ من حیاةِ سیدنِا محمدٍ الأصغرِ بکرِ أو أبی بکرٍ بنِ الإمامِ علی علیه السلام.
ص: 27
رُزِقَ الإمامُ علیٌّ علیه السلام مِنْ أَزْوَاجِه خیراً کثیراً من الأبْنَاءِ وعددَهُم ستةٌ وعشرونَ بینَ ذکرِ وأُنثی: أولهما الحسنُ والحسینُ (علیهما السلام) وزینبُ الکبری، وزینبُ الصغری المکناة بأُمِّ کلثوم، أُمُهم فاطمةُ البتولِ سیدةِ نساءِ العالمینَ بنتُ سیدِ المرسلینَ وخاتمِ النبیینَ رسولُ اللهِ صلی الله علیه وآله وسلم، ومحمدَ المکنی بأبی القاسمِ، أُمُهُ خولة بنت جعفر بن قیس الحنفیة، وعمرَ ورُقَیةَ کانا توأمین، أُمهما أُمُّ حبیب بنت ربیعة، والعباسَ وجعفرَ وعثمانَ وعبدَ الله الشهداءَ مع أَخِیهم الحسین علیه السلام بطفِ کربلاء أُمهم أُمُّ البنین بنتُ حِزام بن خالد بن دارم، ومحمدَ الأصغر المکنی بأبی بکر، وعبیدَ اللهِ الشهیدانِ مع أخیهما الحسین علیه السلام بالطفِ، أُمُهما لیلی بنت مسعود الدارمیة، ویحیی أُمُهُ أَسماء بنت عمیس الخثعمیة رضی الله عنها أُمِّ الحسن، ورملة أُمهما أٌم سعید بنت عروة بن مسعود الثقفی، ونفیسةَ وزینبَ الصغری، وأُمُّ هانئ وأُم الکرامِ وجُمانة المکناة أُمِّ جعفر وأُمامة وأُم سلمة ومیمونةَ
ص: 28
وخدیجةَ وفاطمةَ، رحمةُ اللهِ علیهنَّ لأُمهاتٍ شَتَی. وقالَ الشیخُ المفیدُ (قده): وفی الشیعةِ مَنْ یذکرُ أَنَّ فاطمةَ علیها السلام أَسقطتْ بعدَ النبیِّ صلی الله علیه وآله وسلم ذکراً کانَ سَمَاهُ رسولُ اللهِ صلی الله علیه وآله وسلم وهو حملٌ (محسناً): فعلی قولِ هذهِ الطائفة یکونُ أولادُ أمیرِ المؤمنینَ علیه السلام ثمانیة وعشرینَ ولداً واللهُ أعْلمُ وأحکمُ. ((1))
وقد ذکرَ المؤرخونَ أنَّ الذین اِسْتُشْهِدوا مِنْ أَبناءِ أمیرِ المؤمنینَ علی علیه السلام فی کربلاءِ مع أخِیهِم الحسین علیه السلام همْ سبعةَ عشرَ، وَهمْ: إبراهیمُ وأبو بکر وجعفرُ الأصغر وجعفرُ الأکبر والعباسُ الأصغر والعباسُ الأکبر وعبدُ الرحمنِ وعبدُ اللهِ الأصغر وعبدُ اللهِ الأکبر وعتیقُ وعثمانُ الأصغر وعثمانُ الأکبر وعمرُ الأصغر وعونُ والفضلُ والقاسمُ ومحمدُ الأوسط، وعلی هذا یکونُ مجموعُ مَنْ أُستُشْهِدَ مِنْ أَبْنَاءِ أمیرِ المؤمنین علی علیه السلام فی کربلاء ثمانیةَ عشرَ، وذلک بإضافةِ الإمامِ الحسینِ علیه السلام إلی هذهِ القائمةِ.((2))
کما وإنَّ عدمَ مشارکةِ بعضِ أبناءِ الإمامِ علی علیه السلام وأبناءُ الإمامِ الحسن علیه السلام معَ الإمامِ الحُسین علیه السلام یمکن إجمالها بأمرین وهی:
ص: 29
الأول: الإجازةُ: وهی خاصةٌ بمحمدِ ابن الحنفیةِ وولدِهِ، فقدْ أجازَهُ الإمام الحُسینُ علیه السلام البقاءَ فی المدینةِ لیکونَ عیناً لُهُ علیها، قال الإمامُ الحُسینُ علیه السلام لُهُ: وأما أنْتَ فلا علیکَ أن تُقیمَ بالمدینةِ، فتکونَ لی عیناً علیهم، لا تُخفی عنی شیئاً من أمورهم.((1)) وبه قالَ الشیخُ المفیدُ (قده).((2)) والظاهرُ أیضا أنَّ الشلل الذی أصابَهُ فی قدمِهِ ویده فأَقعَدَهُ عَنْ نُصرةِ أَخیِهِ علیه السلام، قالَ العلامةُ الحلیُّ (قده): مَرَضٌ أصابَهُ فی یَدِهِ.((3)) وبه قال ابنُ نما الحلی فی کتابِهِ(أخذ الثار) قال: إصابتْهُ قروحٌ مِنْ عَین نظرتْ إلیِهِ فلم یتمکن منَ الخروجِ مع الحسین علیه السلام.((4)) ولذا اِقتَضَی أنْ یَبْقی أبناؤهُ مَعَهُ فی المدینة، ولو بَقی وَحَدَِهُِ معَ ضُعْفِ حَالِهِ کیفَ یُمْکِنُهُ إدارةَ شؤونِ المدینةِ بدون مُعینٍ، ولذا لمْ یکنْ أَمَامَهُ إلا أَبْنَاءَهُ وأَبْنَِاءَ الإمامِ الحسن علیه السلام.
الثانی: الظاهرُ أنَّهُم لمْ یَخرُجُوا مَعَهُ لاعتقادِ بعضِهم أنَّهُ ذَاهِبٌ إلی
ص: 30
حکومةٍ مستقرةٍ باعتبارِ موتِ معاویةَ وإخراجُ أهلِ الکوفةِ وَالِیِها ومحاصرتُهُ، کما جاءَ فی الرسائِلِ التی أُرسِلَتْ إلیِهِ مِنْ أهلِ الکوفةِ. وهناکَ احتمالاتٌ أُخری یمکنُ القولُ بها تعْذرهم فی عدمِ الخروجِ ولیس الکتابُ محلَ الکلامِ عنها، ثُمَّ أَنَّهُ لا یحقُ لنا کَیِلَ الاتهاماتِ لأبناءِ الإمامِ علیٍّ علیه السلام أو أبناءِ الإمامِ الحسنِ علیه السلام مِنْ دون وجودِ الدلیلِ القَطعِی وحاشاهم مِنْ خُذلانِ الإمامِ الحسینِ علیه السلام،فراجع.((1))
والظاهرُ أَنَّ جماعةً قد شارکَتْ فی الخروجِ بأمرِ الإمامِ الحسینِ علیه السلام وبَقِیِتَ الأُخری للحفاظِ علی المدینةِ واللهُ أَعلمُ بحقائقِ الأمورِ.
ص: 31
لمْ یذکرْ المؤرخونَ تفصیلاً عددَ النساءِ اللاّتی کُنَّ معَ الرکبِ الحُسینی، إلا أَنَّ بعضَ المُحققینَ أمثالَ العلامةِ القمی فی نفسِ المهمومِ ذَکَرَ (20) امرأةً.((1)) والمُهم هُنا هُوَ خُصُوصُ السیدةِ لیلی بنتِ مسعودِ النهشلیة أُمِّ سیدنا محمدِ الأصغر أَبِی بَکر بن علی رضی الله عنه فلمْ یَذکرْ لنا المؤرخونَ وجُودَها فی کربلاء، وإِنَّما ذَکرُوا مجموعةً مِنَ النساءِ ولمْ یَردْ اِسمُها من ضِمنِهنَِّ. وللتوضیحِ سنذکرُ باختصارٍ مَنْ أُتُفِقَ علی وجُودِهنَّ فی مَعرَکةِ الطفِ وهنَّ:
1- زینبُ بنتُ أمیرِ المؤمنینَ علیهما السلام.
ص: 32
2- أُمُّ کُلثُوم ٍبنتٍ أمیرٍ المؤمنینَ علیهما السلام، ولکنَّ العلامةَ المُقَرمَ (قده) قد ذکرَ فی مَقتلِهِ أَنَّهُ إتحادٌ لاِسْمَیِنِ هما زَینَبُ وأُمُّ کُلثُومِ فالثانی کنیةٌ لیسَ إلا، وهو الصحیحُ. ((1))
3- فاطمةُ بنتُ أمیرِ المؤمنینَ علیها السلام، وقد ورَدَ ذِکرُها فی أکثرِ مِنْ موضعٍ، منها فی الشامِ عندما نَظَرَ إلیها الشامیُ وأرادَ أَنْ یأخُذَها جاریةً !! ولها حوارٌ معَ زَینَبَ فی طریقِ العودةِ مِنْ الشامِ، وهی زوجةُ أَبِی سعید بن عقیل بن أَبِی طالب الذی أُستُشْهِدَ مِنْ أَولادِهِ محمدٌ فی کربلاء.
4- خدیجةُ بنتُ أمیرِ المؤمنینِ علیها السلام: زوجةُ عبدِ الرحمنِ بن عقیل الذی أُستُشْهِدَ فی کربلاء معَ الإمامِ الحُسین علیه السلام ومِنَ الطبیعی أَنْ تکونَ معهُ زوجتُهُ فی تلکَ الرحلةِ. ولکن لم یذکر احد أنها کانت معه، نعم ذکرت المصادر انه تزوج منها ورزق منها ولدا اسمه سعید.((2))
5- الربابُ بنتُ امرئِ القیسِ زوجةُ الإمامِ الحسین علیه السلام وأُمُّ عبدِ اللهِ الرضیعِ، ومعها أیضاً اِبنَتُها.
ص: 33
6- سُکینةُ بنتُ الإمامِ الحسین علیها السلام.
7- رقیةُ بنتُ الإمامِ الحسین علیها السلام التی رُوِیَ أنَّها تُوفِیتْ فی الشامِ.((1))
8- حمیدةُ بنتُ مسلمٍ بن عقیلٍ، حیثُ وَرَدَ ذِکْرٌ لها أنَّ الحُسین علیه السلام لما جَاءَهُ خبرُ شهادةِ أَبیِها وهو فی منطقةِ زَرُود((2)) أَجلسَها فی حجْرِهِ ومَسَحَ علی رَأَسِها وأَخَبَرَها بِخَبَرِ أَبِیِها، ومِنْ الطبیعی أَنْ تکونَ مَعَها أُمُها .
9- رقیةُ بنتُ أمیر المؤمنین علیها السلام، والتی أُستشهدَ زوجُها مسلمٌ فی الکوفةِ بینما أُستشهدَ اِبنَها عبدُ اللهِ فی کربلاء أَصابَهُ سَهمٌ فأثبتَ یدَهُ فی جَبْهَتِهِ بعدما قَتَلَ مِنَ الأعداءِ عدداً کبیراً.
ص: 34
10- أُمُّ وهب (قمر بنت عبد) زوجةُ عبدِ اللهِ بن عمیر الکلبی، التی کانَتْ مع زوجِها، وهی التی خرجتْ بعدَهُ تُشجِعُهُ علی القِتالِ کما کانتْ مَعَهُ.
11- أُمُّ عبدِ اللهِ بن عمیر، وهی التی کانتْ تُشجعُ ابنها علی القتالِ حتی أَنَّهُ لما رجعَ وقالَ لها: أَرضَیتِ عنی قالتْ: ما رضیتُ أو تُقتلُ بین یدیِّ الحسین علیه السلام .
12- أُمُّ عُمرَ بن جنادةِ بن الحارثِ السلمی وهو الغلامُ الذی قُتِلَ أبوهُ فی المعرکةِ، وخَرجَ فردَهُ الحسینُ علیه السلام قائلاً: هذا غلامٌ قد قُتِلَ أبوُهُ الساعةَ ولعلَّ أُمَهُ تَکْرَهُ خُروجَهُ، فقالَ الغلامُ: أُمِی أَمَرتْنِی بذلک، فقاتلَ حتی قُتِلَ.((1))
13- جاریةٌ لمسلمِ بن عوسجة: فإنَّهُ لما قُتلَ خرجتْ من خبائِهِ جاریةٌ وهی تنادی وآمسلماهُ وآ ابنُ عوسجتاهُ .
14- أمُّ عبدِ اللهِ (أو عبید الله) بنِ الحسنِ المجتبی علیه السلام، الذی اِستُشهدَ فی کربلاء وهو (غلامٌ لمْ یراهقْ خرجَ من عندِ النساءِ وهو یشتدُ حتی وقفَ إلی جنبِ الحسین)،((2)) وکانَ الحسینُ صریعاً علی الأرضِ. وقد ذکرَ بعضُهم أَنَّ أُمَهُ کانتْ تنظرُ إلیِهِ، وهذا لیسَ بصحیحٍ فلا توجدُ روایةٌ صحیحةٌ
ص: 35
بذلکَ ولا أعلمُ هلْ هذهِ روایة ٌأو هو اِستنتاجٌ من واقعِ کَونِهِ صغیرَ السنِّ، وأنَّهُ لا یمکنُ أنْ یکونَ من دون أُمِهِ ؟ إلا أنَّ هذا الاحتمالُ لیسَ بصحیحٍ.
15- فاطمةُ بنتُ الحسنِ المجتبی علیهما السلام زوجةُ الإمامِ زینِ العابدین علیه السلام وأُمُّ الباقرِ علیهما السلام، فإنَّ الباقرَ علیه السلام وهو فی سنِّ الثالثةِ أو الرابعةِ علی ما قِیلَ لا یُمکنُ أنْ یکونَ مُنفرداً عن أُمِهِ.((1))
16- وقد ذکرَ بعضُ المؤرخینَ: أَنَّ مِنْ زَوجَاتِ الإمامِ علی علیه السلام اللاتی کُنَّ فی کربلاء، لیلی بنتُ مسعودِ الدارمیة النهشلیة وأُمُّ البنین وأُمامةُ بنتُ أبی العاص وأسماءُ بنتُ عمیس ولیلی التمیمیة. ((2)) وذهبَ آخرونَ إلی خلافِ ذلکَ وقالَ: ولکنْ لا یُمکنُ قبولُ ذلکَ، فإنَّها قد تزوجتْ بعدَ أمیرِ
ص: 36
المؤمنینِ علیه السلام بعبدِ اللهِ بنِ جعفر الطیارِ علیهما السلام، وبهذا صرحَ أکثرُ أهلِ الروایةِ والأَثرِ، ((1)) وجمعَ بینها وبینَ زینبَ بنتَ أمیرِ المؤمنینِ علیه السلام، ولیسَ مِنْ الطبیعی أَنْ تترکَ زوجَها عبدَ اللهَ بنَ جعفر لتذهبَ فی سفرٍ معَ الحسین، ((2)) خصوصاً أنَّ زوجتَهُ الأُخری السیدةَ زینب بنت أمیر المؤمنین علیه السلام قد ذهبتْ فی ذلکَ السفرِ، وکذلک سمح عبدالله بن جعفر لولدِهِ بأنْ یخرجوا مع الإمام الحسین علیه السلام.((3)) والظاهرُ هو عدمُ وجودِها فی واقعةِ الطفِ، لأنَّها بقیتْ معَ زوجِها عبدِ اللهِ بن جعفر الطیار، وهو الصحیحُ. ثم إنَّ المؤرخینَ لم ینقلوا شیئاً عن وجودِها معهم.
ص: 37
وفیه مباحث:
المبحث الأول: تاریخ ولادة محمد الأصغر ونشأته.
وفیه مطالب:
الأول: زواج الإمام علیه السلام بالسیدة النهشلیة.
الثانی: مولده ونشأته.
الثالث: اسمه وکنیته.
المبحث الثانی: وفیه مطلبان:
الأول:تاریخُ حادثةِ عاشوراء وشهادة ابی بکر:
الثانی: الأدلة القطعیة علی شهادته.
المبحث الثالث: فیه مطلبان:
الأول: مصادر لم تذکر شهادته رضی الله عنه.
الثانی: مصادر شککت بمقتله.
ص: 38
ص: 39
وفیه مطالب:-
وهی السیدةُ لیلی بنتُ مسعودِ بن خالد بن مالک بن رِبْعی بن سَلْمی بن جَنْدَل، وهی دارمیّةٌ تمیمیّةٌ رحمها اللهُ، لأنَّ جدَّها سَلْمی هو ابنُ جَنْدَل بنُ نَهْشَل بن دارِم بن مالک بن حَنظَلةَ بن زید مَناة بن تمیم، وأُمُها عمیرةُ بنتُ قیسٍ بن عاصم بن سنان بن خالد بن منقر سیدِ أَهلِ الوبرِ إبن عبید بن الحارث وهو مقاعس، وأُمُها عناق بنت عصام بن سنان بن خالد بن منقر، وأُمُها بنتُ أَعَبُد بن أَسَعد بن منقر، وأُمُها بنت سفیان بن خالد بن عبید بن مقاعس بن عمرو بن کعب بن سعد بن زید مناة بن تمیم. وفی سلمی جدِهِ قالَ الشاعرُ:
یُسَوَّدُ أقوامٌ ولیسوا بسادةٍ
بل السیِّدُ المیمونُ سلمی بنُ جندلِ((1))
ص: 40
وقد تزوجها الإمام علی علیه السلام بعد أن ماتت خولة أم محمد بن الحنفیة ((1)) وقال صاحب ربیع الأبرار انه علیه السلام تزوّجها فی البصرة.((2)) ونقل العلامة الشهرستانی عن (سفرنامه) لناصر خسرو: وفی البصرة ثلاثة عشر مشهدا باسم أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب صلوات الله علیه یقال لأحدها مشهد بنی مازن، وذلک أن أمیر المؤمنین علیا جاء إلی البصرة فی ربیع الأول سنة خمسة وثلاثین (699) من هجرة النبی علیه الصلاة والسلام،وکانت عائشة رضی الله عنها قد أتت محاربة، وقد تزوج أمیر المؤمنین علیه السلام لیلی بنت مسعود النهشلیة، وکان هذا المشهد بیتها، وقد أقام أمیرُ المؤمنین اثنین وسبعین یوما ثم رجع إلی الکوفة.((3))
وهذا الکلام الذی نقله العلامة الشهرستانی عن خسرو لیس بدقیق وذلک للاشتهار بان وقعة الجمل کانت فی جمادی الأولی من سنة (36) ثم انه لم یذکر المصدر الذی نقل عنه زواج الإمام علیه السلام من السیدة النهشلیة رضی الله عنها. وذکر صاحب الغارات الثقفی(ت283ه_) عن المغیرة الضُّبّی(ت136ه_) قال: لما نکح علیٌّ لیلی بنت مسعود النهشلیة قالتْ: ما زلتُ أحبُّ أنْ یکونَ بینی وبینَهُ سببٌ منذُ رأیتُهُ قام مقاماً من رسولِ الله صلی الله
ص: 41
علیه وآله وسلم.((1)) وروی العوام بن حوشب عن ابی صادق قال: تزوجَ علیٌ علیه السلام لیلی بنت مسعود النهشلیة فضُرِبَتْ له فی داره حجلة ((2)) فجاء فهتکها وقال: حسبُ أهلی علی ما هم فیه.((3)) وهذا من تواضع أمیر لمؤمنین علیه السلام وابتعاده عن غرور الدنیا وزینتها.
وبعد شهادة الإمام علی علیه السلام تزوجها عبدالله بن جعفر بن أبی طالب، قال البلاذری (ت 279 ه_): وکانت لیلی بنت مسعود بن خالد عند علی بن أبی طالب فولدتْ لهُ: عبیدالله وأبا بکر، ثم خلف علیها عبدالله بن جعفر((4)).
فبعد شهادة الإمام علی علیه السلام سنة (40ه_) تزوجها ابن أخیه عبدالله بن جعفر وبقیت معه فی المدینة ولم تخرج إلی کربلاء.
نشأ وتربی محمدٌ الأصغر رضی الله عنه فی أحضانِ الرسالةِ المحمدیةِ فی البیت العلوی ونهلَ مِنْ عَبیرها وتغذی من حنان والِدِهِ الإمام علی علیه السلام ورعایة أخویه الإمامین الحسنین (علیهم السلام).
ص: 42
ولم تحددْ لنا المصادرُ التاریخیةُ تاریخ مولده، ولکن یمکن الحصول علیه من خلال الجمع والتقریب بین التواریخ التی أحاطت بأحداث واقعتی الجمل وکربلاء،عندها سنخرج بنتیجة تقریبیة لتاریخ مولده الشریف، فمن خلال الأخذ بالروایة القائلة بأن واقعة الجمل حدثت فی سنة (36ه_) یوم الخمیس فی العاشر من جمادی الأولی((1))، وخروج الإمام علیه السلام مع جیشه وشیعته من بنی تمیم وغیرهم، بعد انتصاره فی البصرة فی الواحد والعشرین من جمادی الآخرة، ودخوله الکوفة فی الثانی عشر من رجب واتخاذها عاصمة للدولة الإسلامیة سنة (36ه_)((2)) فیقتضی من هذا انه بقی فیها عشرین یوما تقریبا، لتنظیم أمورها وتثبیت الوالی علیها. وهناک قول انه علیه السلام بقی فیها اثنین وسبعین یوماً((3))، فعلی القول الأول وهو أن الإمام علیه السلام بقی فی البصرة عشرین یوما من (10ج1-21ج2)، فإنَّ الظاهر أنَّ الإمام علیه السلام قَدْ تزوجَ السیدة النهشلیة فی أحد الشهرین، إما جمادی الأولی أو الآخرة، قبل خروجه من البصرة لتقویة علاقاته بهم، وقد جاءت مع
ص: 43
عشیرتها وزوجها الإمام علیه السلام إلی الکوفة، وسکنوا فیها قال الشیخ المفید فی الجمل: ثم رکب بغلة رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) وخرج ومعه الأحنف بن قیس التمیمی (ومعه بنو تمیم)((1)) وشیّعه الناس إلی خارج البصرة.((2))
وإن قلنا إن زواجه علیه السلام منها رضی الله عنها کان فی أواخر جمادی الأولی أو أواخر جمادی الثانیة، وهو الأرجح، وذلک لأنه فی شهر جمادی الأولی کان علیه السلام منشغلا فی الحرب وتصفیة المعارضین وتثبیت نظام الحکم والولایة فیها، وفی مثل هذه الحال لا یکون الذهنُ منشغلا بشیء غیر أمور الحرب والدولة، ولذا استظهرنا وقوّینا زواجه علیه السلام منها رضی الله عنها فی جمادی الآخرة قبل خروجه من البصرة.
ومما سبق یظهر لنا أنَّ مولد محمد َالأصغر ابن النهشلیة سنة (37ه_)، وذلک إن قلنا بأنها رضی الله عنها حَمِلتْ به فی السنة الأولی من زواجها بالإمام علیه السلام، وهو احتمال طبیعی وقوی جدا. وعلی هذا فهو اکبر من الإمام زین العابدین علیه السلام بسنة علی قول الشیخ المفید(ت413ه_) وبعض المؤرخین (قدس أسرارهم)، فقد قالوا بأنه علیه السلام ولد فی
ص: 44
الخامس من شعبان سنة (38ه_).((1)) إذن یکون عُمْرُ محمد الأصغر رضی الله عنه یومَ أُسْتُشْهِدَ (24 سنة).
ومن خلال هذا التحلیل التاریخی فی تحدید تاریخ مولده رضی الله عنه، یمکن معرفة الأجواء والأحداث التی عاشها وتأثر بها وتفاعل معها، ففی السنوات الثلاث الأولی من عمره الشریف التی تربی فیها فی أحضان والده أمیر المؤمنین علیه السلام فی الکوفة، وهی تعدّ مرحلة جدیدة فی حیاة الإمام علیه السلام، حیث اتخذ الکوفة عاصمة للدولة الإسلامیة بعد رجوعه من معرکة الجمل، وهذا یقتضی الانشغال فی تنظیم أمورها الإداریة والسیاسیة وغیرهما من شؤون العاصمة، وکما ان محمداً الأصغر فی تلک المرحلة لم یکن بالمستوی العقلی الذی یساعده علی إدراک تلک الأحداث، وبالخصوص واقعة صفین والنهروان ویوم شهادة الإمام علی علیه السلام، لکونه طفلا لا یعقل شیئا، نعم قد أدرک شیئا من الشعور بفراق الأب وحنانه.
وقد عاش الأحداث التی مرت بالإمام الحسن علیه السلام فی الکوفة ومعاناته من غدرهم، واضطراره لعقد هدنة أو صلح لخمسة أیام بقین من
ص: 45
شهر ربیع الأول سنة (41ه_)((1)) مع رأس الشجرة الملعونة فی القرآن الکریم معاویة بن أبی سفیان، ثم خروج الإمام الحسن علیه السلام من الکوفة الی المدینة حتی شهادته علیه السلام فی السابع من صفر سنة (50ه_) ((2)) فتکون مدة ملازمته لأخیه الإمام الحسن علیه السلام عشر سنوات، ثم لازم أخاه الإمام الحسین علیه السلام عَشْرَ سنوات أیضا حتی أُستشهدَ معه فی کربلاء فی العاشر من محرم الحرام سنة (61ه_).
لقد عاشَ محمدٌ الأصغر رضی الله عنه مع إخوتِهِ الکرام فی الکوفة وآمَنَ بإِمامةِ أَخویِهِ الحسنین (علیهما السلام) وعاشَ مُعاناةَ أهلِ بیتِهِ وشِیِعَتِهِم خِلالَ مرحلَةِ الخلافةِ الأمویة، وبالخصوص الأحداث السیاسیة المؤلمة التی عاشها أخوه الإمام الحسین علیه السلام وشیعته، حتی خروجه علیه السلام من المدینة فی الثامن والعشرین من شهر رجب سنة (60ه_) إلی مکة ثم منها إلی الکوفة فی الثامن من ذی الحجة من نفس السنة.
وقد کانَ محمد الأصغر رضی الله عنه فی عدادِ الرکب الحسینی الذی خَرَجَ معَ الإمامِ الحسین علیه السلام من المدینة إلی کربلاء، فکان مع المُسْتَشْهَدِینَ فی الحملةِ الثانیة لبنی هاشمِ مِنْ أولادِ الإمامِ أمیر المؤمنین علی ابن أبی طالب علیه السلام یومَ الطفِ، وقد کان عددُهم سبعة عشر رجلاً،
ص: 46
سبعةٌ منهم مِنْ أولادِ الإمامِ أمیرِ المؤمنینَ علی بن أبی طالب علیه السلام، وهُم العباسُ وعبدُ اللهِ وجعفرُ وعثمانُ وأُمُهم أُم البنینَ، ومحمدُ الأصغر وأُمُهُ أَسماءُ بنت عمیس، وأبو بکر وأُمُهُ لیلی الدارمیة، والإمامُ الحسین علیه السلام وأُمُهُ فاطمةُ الزهراءِ علیها السلام. ((1))
من المتفق علیه بین المؤرخین والنسابة أن للسیدة النهشلیة من الإمام علی علیه السلام ولدین؛ محمداً الأصغر وعبد الله أو عبید الله وقد ردد بعضهم بین محمد الأصغر وعبد الله وأنَّ عبد الله هو نفسه محمد الأصغر، ویلزم من هذا أن اسم ولدیها هما عبید الله وعبد الله ولا یوجد مسمی باسم محمد.
والظاهر أن عبدالله هو تصحیف لعبید الله، وذلک لان الذی قتله أصحاب المختار الثقفی فی البصرة هو عبیدالله صاحب المذار((2))، ولم یُقْتَلْ
ص: 47
فی کربلاء کما توهم البعض بذلک، قال الشیخ الطوسی (قده) (ت 460 ه_): وقد ذهب أیضاً شیخنا المفید فی الإرشاد إلی أنّ عبید الله بن النهشلیة قُتِلَ بکربلاء مع أخیه الحسین(علیه السلام)، وهذا خطأ محض بلا مراء، لأنّ عبید الله بن النهشلیة کان فی جیش مصعب بن الزبیر ومن جملة أصحابه، فقتله أصحاب المختار بن أبی عبیدة فی المذار، وقبره هناک ظاهر، والخبر بذلک متواتر، وقد ذکره شیخنا أبو جعفر فی الحائریات لمّا سأله السائل عمّا ذکره المفید فی الإرشاد فأجاب بأن عبیدالله بن النهشلیة قتله أصحاب المختار بن أبی عبیدالله بالمذار، وقبره هناک معروف عند أهل تلک البلاد. ((1)) وعلی هذا رجحنا القول بان اسم المکنی بأبی بکر هو محمد الأصغر طبقا للأدلة التالیة وهی:
1- وجود النصوص الدالة علی أن الإمامَ علیاً علیه السلام قد رَزقه اللهُ تعالی ولدین هما محمد الأصغر وعبدُ الله أو عبیدالله.((2)) ذکره أبو مخنف (ت157ه_) ((3)) والمسعودی (ت345ه_) قال: ومحمّد الأصغر یکنّی أبا بکر وعبیدالله. ((4)) والشیخ المفید فی إرشاده قال: محمّد الأصغر المکنی بأبی بکر وعبیدالله الشهیدان مع أخیهما الحسین بطف کربلاء، وأ مّهما لیلی بنت
ص: 48
مسعود الدارمیة (ت478ه_).((1)) والطبرسی (ت548ه_) فی تاج الموالید قال: ومحمّد الأصغر المکنّی بأبی بکر وعبیدالله الشهیدان مع أخیهم الحسین بالطف رضی الله عنهم، أمّهما لیلی بنت مسعود الدارمیة((2)) وابن عساکر فی تاریخه (ت571ه_)((3)) ابن شهر أشوب (ت588ه_)((4)) وابن الجوزی (ت597ه_)((5)) والعلامة ابن بطریق الحلی قال: محمّد الأصغر المکنّی بأبی بکر وعبیدالله الشهیدان مع أخیهما الحسین بطف کربلاء، اُمّهما لیلی ابنة مسعود الدارمیة (ت600ه_).((6)) وقال به ابن حاتم العاملی فی درره (ت664ه_) قال: وکان له من لیلی بنت مسعود الدارمیة: محمّد الأصغر المکنّی أبا بکر وعبیدالله.((7)) ونقله الاربلی (ت693ه_) عن المفید قال: ومحمّد الاصغر المکنّی أبا بکر وعبیدالله الشهیدان مع أخیهما الحسین بالطف، أمهما لیلی بنت مسعود الدارمیة((8)) والعلامة علی بن یوسف الحلی اخو العلامة الحلی فی
ص: 49
العدد القویة(ت705ه_) قال: وکان له من لیلی ابنة مسعود الدارمیة [محمّد] الأصغر المکنّی بأبی بکر وعبیدالله ((1)) والعلامة الحلی فی المستجاد من الإرشاد (ت727ه_) قال: ومحمّد الأصغر المکنّی بأبی بکر وعبید الله الشهیدان مع أخیهما الحسین بالطف، أمّهما لیلی بنت مسعود الدارمیة ((2)) وابن صباغ المالکی فی فصوله(ت855ه_) قال: ومحمّد الأصغر المکنی بأبی بکر وعبدالله(2) الشهیدان أیضاً مع أخیهما الحسین بکربلاء أمهما لیلی بنت مسعود الدارمیة.((3)) والعلامة المجلسی (ت1111ه_)((4)) والمحدث القمی فی الأمالی (ت1359ه_) ((5)) والعلامة المحقق السید عبد الرزاق المقرم (ت1391ه_)((6))، والعلامة علی النمازی فی مستدرکه (ت1405ه_)((7))، والمحقق الکبیر الإمام السید الخوئی(ت1411ه_)((8))، ففد ذکر هؤلاء الأعلام بأن له ولدین مختلفین فی الاسم، وأنَّ المکنی بابی بکر هو محمد الأصغر وهی أدلة معتبرة تقتضی
ص: 50
ترجیحها علی غیرها، کما وقد أجبنا علی أن أخاه عبیدالله أو عبدالله لیس شهیدا فی کربلاء، ولعل هذا اشتباه وقع عند المؤرخین.
2- ورود الکثیر من الأحادیث الدالة علی استحباب التسمیة ب_(محمد) فان السنة تسمیة الطفل ب_(محمد)((1)) والإمام علیه السلام أولی بتطبیق السنة. ولا یُشکلُ علینا بأنَّ مِنَ السُّنةِ التسمیة بعبد الله أیضا، فانَّ هذا صحیح، ولکن النصوص الموجودة تدلُ علی أنَّ الإمامَ علیه السلام لهُ ولدٌ آخر مِنَ السیدةِ لیلی النهشلیة اسمُهُ عَبدُ اللهِ فمِنَ المُستحیل أنْ یکونَ للإمام علیه السلام ولدان من نفس الام بنفس الاسم من دون تمایز بینهما، فان هذا لیس من عادة العرب.
3- وهناک قولٌ آخرٌ قد جمع فیه بین الاسمین لمولود واحد، وهو أنَّ الإمامَ ینادیه بمحمد الأصغر وأمه تنادیه بعبد الله أو عبد الرحمن وهو ما نقله السید علی الشهرستانی قال: فبهذه القرائن یمکن أنْ نُرجحَ أنْ یکون ابنُ لیلی النهشلیة اسمهُ محمد عند الإمام علی أما الاسم الثانی:عبد الله أو عبد الرحمن فهو الموضوع من قِبَلِ أُمِهِ أو جدِهِ أو أخوالِهِ. وعلیه فالاسمُ هو لشخصٍ واحدٍ لا لشخصین أو ثلاثة.((2))
ص: 51
أقول: وهذا کله احتمال للجمع بین التعارض فی الاسم ولکن الأرجح فی التسمیة کما مرَّ، أنَّ اسمه الحقیقی والمتعارف علیه هو محمدٌ الأصغر حسب ما ذکرتْهُ المصادرُ الکثیرةُ المعتبرةُ.
فالأشهر فیها أنها أبو بکر ولیس بکرا، لان المعروف بین العرب أن الکنیة ما بُدِئَت بأب أو أم أو ابن لا غیر، واغلب المصادر التی ذکرته، ذکرته بالکنیة وهی أبو بکر إلا السید الحسین بحر العلوم (قده) (ت1422ه_) فقد قال بأن بکرا هو اسم له ظاهرا.((1)) ویقول العلامة الشهرستانی أنَّ اشتهاره بهذه الکنیة یعنی (أبا بکر): یعود الی کتابة التاریخ بریشة الحکام.
ولکن یبقی فی النفس شیء من أن کنیته کانت موجودة فی عصر والده الإمام علی علیه السلام واشْتهرَ بها، وإنما الظاهر من المصادر التاریخیة، أنَّ الکنیة إنما ظهرت بعد شهادتِهِ بین المؤرخین فهم الذین أطلقوها علیه، وهکذا استمر ذکرها فیما بینهم ثم تواتر النقل عنهم بالکنیة حتی اشتهر بذلک فغلبتْ الکنیةُ علی الاسم. فالظاهر أنَّ الکنیة کانت من إبداعات المؤرخین لیس إلا،یقول العلامة الشهرستانی: وذهب آخرون إلی أن تلک النصوص لا دلالة لها علی کونه اسما له، فقد تکون کنیة اشتهر بها وأرجح أن یکونوا -المؤرخون- قد استفادوا من هذه الشهرة لتمییزه عن غیره من أبناء علی وذلک
ص: 52
لوجود إخوة له یسمون بعبد الله ومحمد.ثم یقول: فوجود هذه الأسماء بین إخوته، وأیضا تسمیته بأکثر من اسم دعت المؤرخین وأصحاب المقاتل أن یکنوه بکنیة أبی بکر تمییزا عن إخوته، ومعنی هذا أن کنیة (أبی بکر) قد أُطلِقَتْ علیه بعد مقتل الحسین ولم یکن یُعرفُ بها فی الصدر الأول.((1)) بل یزید علی ذلک الشهرستانی بان وضع هذه الکُنیة من المؤرخین کانت عن قصد قال: وقد یکونُ هذا الأمرُ مقصوداً مِنْ قِبَلِ بعضِ المُؤرِخِینَ والنَسَابَةِ لِکَی یُکْمِلُوا أَسْمَاءَ الثَلاثَةِ فِی وِلْدِ عَلِیٍّ علیه السلام.((2))
ص: 53
وفیه مِطلبان:
اخْتَلَفَ المُؤرِخُونَ فِی تَاریخِ حَادِثَةِ عَاشُورَاءَ إلا أنَّ المَشْهُورَ أنَّهَا وَقَعَتْ سَنَةَ الَحَادِیَ وَالَسْتِینَ لِلْهِجْرَةِ فِی ارْضِ کَرْبَلاءَ، وَقَبلَ الَحَدِیْثَ عَنْ الرَأیِ الَمَشْهُورِ نَتَحدَثُ عَنْ بَعضِ المَصَادِرِ الَتِی أشَارَتْ إلی تَارِیِخِ وَاقِعَةِ الْطَفِ، فَهِی وَإنْ لَمْ تَکُنْ أَقْوَالاً یُعْتَدُ بِهَا وَلَکِنَّا سَنَذْکُرُهَا للإیِضَاحِ، وَهِی عَلَی قَوْلَیِن وهی:
الأولُ: أَنَّهَا وَقَعَتْ فی سَنَةِ (60ه_) فی العاشر من المحرم، قالَ ابنُ عساکر: أخبرنا أبو البرکات الأنماطی، أنبأنا أبو الفضل ابن خیرون، أنبأنا أبو القاسم ابن بشران، أنبأنا أبو علی بن الصواف، أنبأنا محمد بن عثمان ابن أبی
ص: 54
شیبة، قال: قال أبی: وقُتِلَ الحسینُ یومَ عاشوراءَ آخر((1)) سنة سِتِینَ((2)). وهو رأی شاذ.
الثانی: وَذَهَبَ مَشْهُورُ المُؤرِخِیْنَ إلی أنَّهَا حَدَثَتْ سَنَةَ إحْدَی وَسْتِینَ لِلْهِجْرَةِ لِعَشْرٍ خَلَونَ من شهر محرم الحرام ونَقَلَ ابْنُ عساکر أیضاً عَنْ عَمِهِ فی ترجمتِهِ، قالَ: وقال عمی أبو بکر: قُتِلَ الحسینُ بنُ علیٍّ فی سنة إحدی وستین یومَ عاشوراء، قَتَلَهُ سنانُ بن أبی أنس، وجاءَ برأسِهِ خِوِلی بن یزید الأصبحی جاءَ به إلی عبید الله بن زیاد.((3)) ونقله ابن عساکر عن قتادة قال: قُتِلَ الحُسَینُ بنُ علی (علیهما السلام) یومَ الجمعةِ یومَ عاشوراءَ لعشرٍ مَضَینَ منْ المحرمِ سنة إحدی وستین وهو اِبنُ أربعٍ وخمسین سنةً وستة أشهرٍ ونصف.((4))
ورواه ابن عساکر بسنده عن قَعْنَبْ بن المحررِ قالَ: وقُتِلَ الحسینُ علیه السلام سنةَ ستین یومَ عاشوراء أو أول سنةِ إحدی وستین. کذا قال هؤلاءِ، والأکثرون قالوا: سنة إحدی وستین!((5)).
ص: 55
ورواه الواقدی قال: وبه قال الخطیب البغدادی((1)) ورواه الطبرانی فی المعجم الکبیر((2)) وغیرهم من المؤرخین قالوا بذلک وهو الرأی المشهور بل مجمع علیه.
وقد ذکرتْ مصادرُ التاریخ ومقاتلُ کثیرةٌ شهادةَ محمدِ الأصغر ابن علی بن أبی طالب علیهم السلام معَ الإمامِ الحسین علیه السلام فی کربلاءِ فی العاشرِ مِنْ مُحَرمِ الحرامِ سنة (61ه_) وهو متفقٌ علیِهِ بینَهُمْ إلا مِنْ بَعْضِ مَنْ تَوَهَم شَهَادَتَهُ وشَکَکَ فی ذلکَ، وستأتِی مُناقشَتُهُ، ونَذْکُرُ الآن المصادرَ التی أَثبَتَتْ شَهَادَتَهُ:
أَوَلاً: مَقْتَلُ أَبِی مَخْنَف: وهو مِنَ الکُتبِ والمَصادرِ المعتبرةِ،((3)) فَقَدْ ذَکَرَ شهادَةَ محمد الأصغر المکنی بأَبی بکرٍ فی کربلاء مع أخیِهِ الإمامِ الحسین علیه السلام وقالَ: رمی رَجُلٌ مِنْ بَنِی أَبَانَ بن دارم محمدِ بنِ علی بن أَبِی طَالب َفقَتَلَهُ وجاءَ بِرأَسِهِ.((4)) وأَضَافَ التَشْکِیکَ فی قَتْلِهِ عندَ ذِکْرِ مَنْ قُتِلَ مِنْ
ص: 56
بَنِی هَاشِم قالَ: وقُتِلَ أَبُو بَکْر بن علیٍّ بن أَبِی طَالِبٍ وأَُمُهُ لِیلَی أَبْنَةِ مسعودٍ بن خالدٍ بن مالکٍ بن ربعی بن سَلمَی بن جَنْدَلٍ بن نَهشَلٍ بن دارم، وَقَدْ شُکَ فی قَتْلِهِ.((1)) ولمْ یُعَلقْ الشیخُ الحسنُ الغفاری علی التشکیکِ فی تَعْلِیِقِهِ علی المَقْتَلِ بِشَیءٍ.
ثَانِیاً: ذَکَرَ ابْنُ عَسَاکِر فی تَاریِخِهِ قالَ: أبو بکرِ ابن علی بن أبی طالبٍ، یُقَالُ: إنَّهُ قُتِلَ فی سَاقِیةٍ. وَمُحَمَدِ بن علی بن أَبِی طالبِ الأصغرِ،وأُمُهُ أُمِ وِلِد قَتَلَهُ رَجُلٍ مِنْ بَنِی أَبَان بن دارم.((2))
ثَالِثاً: قالَ الطبریُ فی تَارِیِخِهِ: (وقُتِلَ أَبُو بَکرِ بن علی بن أبی طالب وأُمُهُ لِیلَی اَبْنَةِ مَسْعُودِ بن خالد بن مالک بن ربعی...).((3))
رابعاً: ونَقَلَ اِبِنُ کَثِیر فی نهایتِهِ بعدَ ذِکرِ قَوْلِ محمدِ بن الحنفیةِ فی عددِ مَنْ أُستِشْهِدَ مع الإمامِ الحُسینِ علیه السلام قالَ: قالَ غَیرُهُ-أی غیر ابن الحنفیة-: قُتِلَ مَعَهُ مِن ولدِهِ وأُخوَتِهِ وأهلِ بیتِه ِثلاثةٌ وعشرون رجلاً فمِنْ أولادِ علی علیه السلام: جعفر والحسین والعباس ومحمد وعثمان وأبو بکر.((4)) ثم ذکرَ أبیاتَ سلیمانَ بن قتة یرثیِهم قالَ:
ص: 57
وأندُبِی تسعةً لصلبِ علی
قد أُصیبُوا وستةً لعقیلَ((1))
وسمیِّ النبیِّ غ_ودرُ فیهم
قد علوُهُ بصارمٍ مصقولٍ
خامساً: الشیخُ الطبرسی فی کتابِهِ تاجِ الموالید ((2)) ذَکَرَ ذلک أیضاً وأَخذَ بذلک المرحومُ الاربلی فی کشفِ الغُمةِ نقلاً عن الشیخِ المفیدِ، وذکرَ العلامةُ الحلی وابنُ بطریقِ الحلی (قدست أسرارهم)، فی ذکرِ أولادِ علی بن أبی طالب علیه السلام قالا: (أبو بکر محمد الأصغر وعبدُ اللهِ الشهیدان بالطفِ أٌمهما لیلی بنت مسعود من أولادِ علی بن أبی طالب علیه السلام. ((3)) ویُصححُ هذا قولُ سلیمانِ بن قتة،((4)) وهو یرثیهم:
واندبی تسعة لصلب علی
قد أصیبوا وستة لعقیل((5))
وسمی النبی غ_ودر فیهم
قد علوه بصارم مصقول((6))
سادساً: أعلامُ الوری للطبرسی: قالَ: وعبیدُ الله، وأبو بکر أبنا أمیر
ص: 58
المؤمنین علیه السلام، أمهما لیلی بنت مسعود الثقفیّة. ((1))
سابعاً: ابنُ الجوزی قالَ: (ذِکرُ أولادِهِ رضی اللهُ عنهُ کان لهُ مِنْ الولدِ أربعةَ عشرَ ذکراً وتسعَ عشرةَ أُنثی... وعبیدُ اللهِ قَتَلهُ المختارُ وأبو بکر قُتِلَ مع الحسین أمهما لیلی بنت مسعود؟...). ((2))
ثامناً: الشیخُ المفیدُ (قده) وهو مِنْ کِبارِ علماءِ المذهبِ قالَ: ومحمدُ الأصغر المکنی بأبی بکر وعبیدُ الله الشهیدان مع أخیِهما الحسین علیه السلام بالطفِ أُمُهمَا لیلی بنتُ مسعود الدارمیة).((3)) وقالَ أیضاً: أبو بکر الشهید بکربلاء هو مِنْ ولدِ لیلی بنتُ مسعود. ((4)) وأکدَ بأنَّ أبا بکرٍ کُنیتَهُ لا اِسمَهُ قالَ:أَما اسمَهُ فهو محمدُ الأصغر.((5))
تاسعاً: وذکرَ صاحبَ المُجدی((6)) فی أنسابِ الطالبیین فی أبناءِ الإمام
ص: 59
علی علیه السلام قال: والذی علیِهِ القولُ أَنََّهُ ولدَ فی ما قرأتُهُ سماعاً من الشریفِ أبی علی النسابة العمری الموضحِ الکوفی: حسناً وحسیناً..... وأبا بکر وعبدَ الله بنی النهشلیة.((1)) ویُثْبِتْ العلامةُ المُوضِحُ: أنَّهُ أُستشهِدَ بالطفِ قالَ: وأبو بکر واسمُه عبدُ اللهِ قُتِلَ بالطفِ وأبو علی عبیدِ اللهِ وأُمِهِم النهشلیة.((2))
عاشراً: وقالَ ابنُ شهرِ أشوبٍ: وتسعةٌ من ولدِ أمیرِ المؤمنینِ: الحسین والعباس واِبنِهِ محمد بن العباس وعمر وعثمان وجعفر وإبراهیم وعبد الله الأصغر ومحمد الأصغر وأبو بکر شُکَ فی قَتلِهِ.((3)) وهذا الشکُ نَقَلهُ عن الطبری فی تاریخِهِ.
حادی عشر: وقالَ المجلسیُ: قالَ: قالوا: ثمَّ تقدّمَ إخوةُ الحسین علیه السلام عازمین علی أنْ یموتوا دونَهُ، فأوّلُّ مَنْ خرجَ منهم: أبو بکر بن علیّ، وإِسمُهُ عبیدُ اللهِ، فتقدَّمَ إلی الحربِ، وأَخذَ یُقَاتِلُ قِتَالَ الأبطالِ، ولم یَزَلْ کذلکَ یصولُ ویجولُ حتّی وقعَ صریعاً شهیداً بین یَدَی أخیِهِ الحسین سیّدِ شبابِ أهلِ الجنّةِ صلواتُ اللهِ علیهِ.((4))
ثانی عشر: وذکرَ العلامةُ الحجةُ السیدُ عبدُ الرزاقِ المقرمِ فی مقتلِهِ عندَ ذکرِ حملةِ آلَ أبی طالب قالَ (قد): وخرجَ أبو بکر ابن أمیر المؤمنین علیه
ص: 60
السلام واِسمهُ محمدٌ قتلَهُ زحرُ بن بدر النخعی((1)) ویُعلقُ السیدُ (قده) علی أَنَّهُ حصلَ اختلافٌ بینَ المؤرخینَ فی اسمِهِ فمَنْ قالَ بأنَّهُ عبدُ اللهِ أَمثالُ الخوارزمی فی مقتلِهِ وأَنَّهُ محمدٌ کما ذهبَ إلیِهِ صاحبُ الإرشادِ وأَعلامِ الوری أو محمدُ الأصغر کما فی صفوةِ الصفوةِ لابن الجوزی.((2))
الثالثَ عشرَ: وذکرَ السیدُ محسنُ الأمینِ فی مقْتَلِهِ لوعةُ الإشجانِ أّنَّهُ أُستشهدَ فی الطفِ دفاعاً عن أّخِیهِ الحسین علیه السلام.((3))
الرابع عشر: وذکرَ السیدُ الحسینُ بحرُ العلومِ (قده)((4)) فی کتابِهِ (الثورة الحسینیة) قالَ: وعامةُ الذینَ ذکرُوهُ بالکُنیةِ، والظاهرُ أنَّها اسمُهُ، ثم ذکرَ
ص: 61
المصادرَ التی أشارتْ إلی شهادتِهِ معَ أَخیِهِ الحسین علیه السلام أمثالَ کفایةِ الطالب للکنجی (ص298) وابن اعثم فی فتوحه (ج5 ص205) والخوارزمی فی مقتله (ج2ص28) والطبری فی تاریخه (ج5 ص468) ط دار المعارف بمصر وابن الأثیر فی کامله (ج3ص302) ط بیروت والنویری فی نهایته ج20ص461 ط القاهرة، وابن کثیر فی بدایته ج8 ص189 ط اوفسیت وابن صباغ فی فصوله ص197 ط النجف والسبط فی تذکرته ص254 والهیثمی فی مجمع الزوائد ج9 ص197 ط بیروت ومحب الدین الطبری فی ذخائر العقبی ص117 ط القاهرة والنسابة ابن حزم الاندلسی فی جمهرة انساب العرب ص38وص230ط دار المعارف بمصر.((1))
الخامسَ عشرَ: ما أوردَهُ صاحبُ مستدرکِ سفینةِ البحارِ فقد ذکرَ أّنَّ محمداً الأصغرَ قد تشرفَ بزیارةِ الناحیةِ المقدسةِ قالَ: والمتشرفونَ بسلامِ الناحیةِ المقدسةِ عبدُ اللهِ وأبو الفضل العباس وجعفرُ وعثمانُ ومحمدٌ کما فی البحار.((2)) ویضیفُ العلامةُ علیُ النمازی أَنَّ المرادَ من محمدٍ هو محمدُ الأصغرَ.((3))
السادسَ عشرَ: ذکرَ السیدُ ابنُ طاوس فی کتابِهِ الإقبال فی الزیارةِ
ص: 62
الشعبانیةِ: العباس وجعفر وعبد الله وأبا بکر وعثمان أبناء أمیر المؤمنین علیه السلام وعدَهُم مِنْ الشُهداءِ وسلّمَ علیِهِم.((1))
فهذهِ مجموعةٌ من المصادرِ المهمةِ التی أثبتتْ هذهِ الحقیقة التاریخیة التی قد غَفَلَ عنها الکثیرُ مِنَ الکُتَّابِ وخطباءِ المنبرِ بالخصوص وغیرِهم من المعنیین بالقضیةِ الحسینیةِ.
ومِنْ ذلکَ تتضحُ لنا النتیجةُ التالیة، وهی أَنَّ محمداً الأصغرَ هو نفسُهُ الملقبُ بأبی بکر بن علی علیه السلام شهیدُ کربلاء معَ أخیِهِ الإمامِ الحسین علیه السلام فی سنة (61 ه_)، وإِنَّ کنیتَهُ أبو بکر وإسمُهُ محمدٌ الأصغر.
إِنَّ مِنْ صِفَاتِ العلویین الشجاعةَ وهذهِ معروفةٌ عنهم بلْ هی صفةٌ غالبةٌ فیِهِم فوالدُهم الإمامُ علی علیه السلام یُعرفُ بینَ قریش ب_(قَتَالِ العربِ) وهذهِ صیغةُ مبالغةٍ دلتْ علی کثرةِ القتلِ فِیِهم بسیفِه علیه السلام وأَرغمَ أنُوفَ المُشرکینَ حتی دَخَلوا فی الإسلامِ وقد وَرِثَ أبنَاؤهُ شَجَاعَتَهُ مِنْهُ، فَقَدْ رُوِیَ أنَّ أولَّ مَنْ خَرَجَ مِنْ أبناء الإمام علی وأخوة الإمام الحسین (علیهم السلام) هو محمدٌ الأصغرُ أبو بکر بن علی أمیر المؤمنین علیه السلام لمواجهةِ أهلِ الکفرِ والنفاقِ مِنْ جَیشِ أَهلِ الکوفةِ ومنافقِیِهم بقیادةِ عُمر بن سعد والشِمر علیهم لعائنُ اللهِ تعالی.
ص: 63
فقد أرادَ محمدٌ الأصغر أبو بکر بن علی علیهما السلام أنْ یکونَ الأولَّ مِنْ بین أُخوتِهِ مِنْ المتقدمین إلی الحربِ والقتالِ بین یدی أبی عبد اللهِ الحسین علیه السلام، وهذا یدلُ علی مستوی عالٍ من الحماسِ للدفاعِ عن الإسلامِ المحمدی من خطرِ الفکرِ الأمویِ المتمثلُ بجیشِ أهلِ النفاقِ مِنَ الکوفیینَ، وقد أَثبتْ من خِلالِ قِتالِهِ أنَّّهُ ابنُ علی علیه السلام حقاً، فقد روی أصحابُ المقاتلَ أنَّهُ حینما نزلَ إلی المعرکةَ نزلَ وهو یرتجزُ:
شیخی علیٌ ذو الفخارِ الأطولِ
مِنْ هاشمِ الصدقِ الکریمِ المفضلِ
هذا حسینٌ ابنُ النبی المرسلِ
عنهُ نُح_امی بالحس_امِ المصقلِ
تفدیِهِ نفسی مِنْ أخٍ مبجلِِ((1))
یا ربِّ فامنحنِی ثوابَ المجزلِ((2))
وقَتلَ منهم مَقتلةً عظیمةً حتی عجزوا عن مواجهتهِ واحداً بعد الآخر فأخذوا یضربونه بالحجارةِ ویرمونهُ بالسهامِ واجتمعوا علیه من کلِ جانبٍ وأحاطوا به فأثخنوُهُ بالجراحِ حتی ضعفَ عن القتالَ.
واختلفوا فیمنْ قَتَلَهُ فقالوا: قتلهُ زجرُ بن بدر النخعی، وقیلَ: بل عُقبةُ الغُنوی، وقیل: بل رجلٌ من همدانَ، وقیل: وَجَدُوُهُ فی ساقیةٍ مقتولاً لا یُدْرَی من قتلهُ.((3)) وقیل لم یزلْ یُقاتلْ حتی اشترکَ فی قَتلِهِِ جماعةٌ منهم عُقْبَةُ
ص: 64
الغٌنَوی رواهُ جابرُ عن أبی جعفر الباقر علیه السلام.((1)) ولما قُتِلَ برزَ أخُوهُ عمرُ بن علی علیهما السلام فحَمَلَ علی زَحَر قَاتِلَ أَخِیِه فَقَتَلَهُ.((2))
والاختلافُ فی شخص القاتل یدلُ علی أنَّ أهلَ النفاقَ کانوا یشترکون بِقَتْلِ أنصارِ الحسین علیه السلام عند عجزهم عن مواجهةِ بَطلٍ من أبطال کربلاء، فیَدَعی کلُ واحدٍ منهم أَنَّهُ قَتلهٌ، لاشتراکهم جمیعاً فی ذلک کما هو الحال فی الاختلافِ فیمن قَتَلَ الحسین علیه السلام فقد ذَکَرَ الأصفهانی نقلاً عن المدائنی قال: (وحَمَلَ علیه ذِرعةُ بن شُریِک - لعنه اللهُ - فضربَ کتَفه الیسری بالسیف فَسَقَطَتْ، وقتلَهُ أبو الجنوب زیاد بن عبد الرحمن الجعفی والقثعم وصالح بن وهب الیزنی وخولی بن یزید، کل قد ضربه وشَرِکَ فیه. ونزلَ سِنان بن أنس النخعی فاحتزَ رأسَهُ (صلوات الله علیه)، ویُقال: إنَّ الذی أجهزَ علیه شمرُ بن ذی الجوشن الضبابی لعنهُ اللهُ). ((3))
والملاحظ أنَّ أسلوبَ عسکرِ النِفَاقِ فی القتلِ هو اشْتِرَاکُ جماعةٍ مِنَ المقاتلینَ علی رجلٍ واحدٍ لجِبْنهِم عن القِتَالِ ومواجهةِ الأبطالِ مِنْ أَنصَارِ العقیدةِ وهذا ما فَعَلُوه مع محمدٍ الأصغر بن علی رضی الله عنه وغیرِه من جیشِ الإمامِ علیه السلام عند ضعفهم وخوفهم من مُنَازلةِ أبطالِ الطفِ. وکل ذلک تقرباً لدولةِ الکفرِ والنفاقِ.
ص: 65
ومِنَ المؤسفِ أنَّهُ لم ینقلْ لنا المعاصرونَ للحدثِِ وأصحابُ المقاتلِ، کیفَ اِستقبلَ الإمامُ الحسین علیه السلام وبقیةِ الأُسْرَةِ شهادةِ أخیِهِ، والظاهرُ أنَّ عَظِمّ مُصائبِ شهادةِ الإمامِ الحسین علیه السلام الذی کانتِ الأنظارُ کُلها علیه وتراکُم أحدث المعرکةِ علی المعاصرین أَنستْهُم صورةَ الشهادةِ وطبیعَتِها واکتفوا بذکرِ أبیاتٍ مِنْ شعرِهِ حینما خرجَ للقتالِ.
کما أنَّهمْ لم یذکروا کیفیةَ خروجِ الحسن المثنی ابن الإمام الحسن علیه السلام، وهل اِرتَجَزَ عندما خَرَجَ وکیف جُرِحَ ؟ کُلُّ ذلک لم یَذکُرهُ أصحابُ المقاتلِ، نعم ذکروا أنَّهُ مِنْ جرحی الطفِ الذین نَجوا مِنْ القَتلِ واستَنقَذه وعالجَهُ أخوالُهُ بنُو فزارٍ فی الکوفة، وعندما شُفیَ رجعَ إلی المدینةِ المنورةِ.((1)) ولستُ مع مَنْ یقولُ بأَنَّ سببَ عدمِ ذکرِ تفاصیل خروجِهِ هو عدمُ وجودِ دورٍ مهمٍ لَهُ کالعباس أو القاسم، أو أنَّ مقتلَهُ لم یکن مُفجعا کعبد الله الرضیع وإنما سبب خفاء دوره هو ما ذکرناه من عظم مصاب الإمام الحسین علیه السلام وإغفال المؤرخین عنه وقد یکون ضیاع الکثیر من أحداث عاشوراء نتیجة الظروف السیاسیة فانها لم تصلنا کاملة.
ومِمِنْ ذکرَ صورةً واسعةً عن خروجِهِ صاحب روضة الشهداء قال: قال الراوی: وخرج بعد شهادة القاسم أبو بکر بن علی بن أبی طالب أمام الحسین علیه السلام وقال: أخی حسین إئذن لی للأخذ بثأری والانتقام لأهلی من
ص: 66
هؤلاء الأوغاد،فقال الإمام الحسین علیه السلام آه علیکم أتذهبون الواحد تلو الآخر وتترکوننی لمن؟
فقال أبو بکر: أخی حسین کنت أرید منذ زمن أن أقصدک بهدیة تلیق بمقامک ولا ادری ما هی والآن علمت أن خیر هدیة اهدیها لک هی روحی التی بین جنبی وأُریدُ الآن أن أنثرها علی قدمیک، ثم ذکر صاحب الروضة أبیاتا قال فیها:
الیوم ضیفی حبیبی
روحی وق_ل_بی طعام_هْ
لا ضیر یلحق قلبی
لکن روح_ی أدامهْ
افدی له الیوم روحی
ی_ب_ل ف_ی_ها اوام_هْ((1))
ثم أذن ل_ه الإم_ام الحسین علیه السلام وخرج أبو بکر إلی میدان القتال فطاردهم وجال فیه جولات حامیة وکان یلعب برؤوسهم کما یلعب الصولجان بالکرة وهو یرتجز ویقول:
هذا الم_ل_ی_ک أخ_ی
وه_ذا النجم فی کبد السماء
ه_و خ_ی_ر أب_ن_اء
الزمان وق_بلة للأتق_ی_اء
ال_روض فیه من_ور
وجمال ارض الاصطف_اء
هو نور عین المصطفی
وإمام أصح_اب ال_وف_اء
درر بک_نز الاج_تباء
ون_ج_م أف_ق الاه_تداء
ص: 67
ن_ور بأف_لاک السماء
وغ_رة ف_ی الاج_ت_باء
خ_ول ل_ه لا أخ_وة
س_ترون_نا ی_ا أدع_یاء
کص_واعق قد أرسلت
ت_جت_اح دن_ی_ا الأشقیاء
وت_ح_طم الأف_لاک اذ
ت_ج_تاز أجواز الف_ضاء
ج_ئناه والأرواح ف_ی
الأیدی ن_ق_دم_ها ف_داء
أکفان_نا م_ح_م_ولة
لتل_ف_نا م_ث_ل ال_رداء
ونعانق البیض الصقال
ک_أنها ب_یض الظ_ب_اء
وإذا ت_وسدن_ا ال_ثری
صرعی ت_غسلنا ال_دم_اء((1))
ودعا له الإمام الحسین علیه السلام واعتلی صهوة جواده الذی یسبق الریح وکأنه فی سرعة عدوه کالوهم الذی یلمع فی الخواطر والأذهان:
کال_نار ف_ی إحراق_ه
کال_ماء ف_ی ج_ریانه
ق_د ج_از ف_ی ارض
النقا السبق من غزلانه((2))
وکان یهجم علی أطراف الجیش کله وینشر فیها الرعب ویرفع رایته فی وجوه الأعداء ویفرون بین یدیه فتخلو منهم العرصات وتقفر الساحات حتی باع لله نفسه فی سوق الجهاد رضوان من الله علیه.
ص: 68
یقول صاحب الروضة: یقول الراوی: فوصلت إلیه من الجراحات إحدی وعشرون جراحةً وأخیراً أُصیبَ بطعنة من قدامة الموصلی،وقیل رماه عبد الله بن عقبة الغنوی، وقیل زجر بن بدر النخعی.((1))
والظاهر من صاحب الکتاب (روضة الشهداء) أنَّهُ خطیب حسینی وقد صاغ کتابه بأسلوب حسینی، ومع ذلک فهو لم یذکر مصادر الأبیات الشعریة التی نسبها لسیدنا محمدٍ الأصغر بن علی رضی الله عنه.
ص: 69
وفیه مِطلبان:
وهناک مصادر لم تذکر شهادة محمد الأصغر بن علی رضی الله عنه عند تألیفهم مقتلا للإمام الحسین علیه السلام وأحداث واقعة الطف، أمثال السید ابن طاوس فی کتابه الملهوف، والشیخ ابن نما فی مثیر الأحزان،((1)) والشیخ محمد هادی یوسفی فی کتابه موسوعة التاریخ الإسلامی.((2)) ویمکن المناقشة فی ذلک.
أولا: إن السید ابن طاوس (قده) وان لم یذکره فی کتاب الملهوف إلا أنه ذکره فی کتابه الإقبال فیمن زاره الإمام القائم (عج)، والظاهر أنَّ عدم
ص: 70
ذکره مع ما ذکرناه من مصادر قد ذکرته رضی الله عنه یعود لسببین:
الأول: أنَّ کتابه مبنی علی الاختصار وهو الأرجح.
الثانی: وانه لم یثبت له مشارکته رضی الله عنه فی معرکة الطف، اعتمادا منه علی تشکیک الطبری کما ذکرنا، ولو قلنا إنه لم یعتمد علی مصدر الطبری فعلی ماذا اعتمد (قده)؟. وعلی هذا لا یمکن إنکار شهادته أو التشکیک فیها مع هذه المصادر المعتبرة ک_(مقتل أبی مخنف) الذی یعدّ من أقدم المصادر والذی یعدُّ من المعاصرین للإمام السجاد والباقر والصادق (علیهم السلام)، ومن العجیب للسید (قده) ترکه لذکر السید محمد الأصغر مع انه ذکره فی کتابه الاقبال فیمن زارهم الناحیة المقدسة علیه السلام، فتأمل.
ثانیا: وأما الشیخ ابن نما (قده) فقد ذکر فی مقدمة کتابه مثیر الأحزان: انه مبنی علی الاختصار قال (قده): إن الذی بعثنی علی عمل هذا المقتل إنی رأیت المقاتل قد احتوی بعضها علی الإکثار والتطویل وبعضها علی الاختصار والتقلیل، فهی بین طویل مسهب وقصیر قاصر عن فواید غیر معرب والنکت فیها قلیلة، فوضعت هذا المقتل متوسطا بین المقاتل قریبا من ید المتناول......الخ. ((1))
ص: 71
أقول: إن مقتضی الحال فی الإیجاز والاختصار فی مواطن حشوی الکلام لا فی أصوله وثوابته فمثل هذا الایجاز یخل بالکلام، والظاهر انه اعتمد علی روایة الطبری الذی شکک بمقتله فتکون الإجابة علیه کما اجبنا علی السید ابن طاوس (قده). والله أعلم.
الثالث: وأما الشیخ محمد هادی یوسفی الغروی، فان کتابه موسوعة التاریخ الإسلامی ومقتضی العنوان مطابقته لمضمون الکتاب فهو عبارة عن موسوعة فی التاریخ الاسلامی وهی دراسة قیمة جدا، ولکنه للأسف لم یذکر شیئا عن أبی بکر محمد رضی الله عنه وهذه مؤاخذة علی کتابه، لان کتابه عبارة عن دراسة تحلیلیة للتاریخ الإسلامی ومنها أحداث کربلاء، فکان الأولی به أن یذکره ثم یناقش فی شهادته أو عدمها کما فعل فی غیرها من المواضیع، بل حتی فی مقتله الذی اختصره أیضا لم یأت علی ذکره، ومع کل هذه المصادر التی أشارت إلیه بالکنیة (أبو بکر). ولقد أرسلت لسماحته رسالة علی موقعه علی الانترنت للإجابة علی هذا السؤال، ولکنه لم یصلنا لحد الآن جواب منه.
وقد یقول قائل: إن هؤلاء الأعلام إنما لم یذکروه لأنهم توقفوا فی مسألة شهادة محمد الأصغر رضی الله عنه.
أقول: لا یمکن القول بذلک لان التوقف فی مسألة معینة لابد من الإشارة أو التلمیح أو التصریح إلی ذلک التوقف بعد المناقشة فی النفی أو
ص: 72
الإثبات ثم یصرح بتوقفه فی هذه المسألة أو تلک أو علی الأقل یذکر توقفه فقط.
وعلیه فان عدم ذکر السید والشیخ (قدس سرهما) والعلامة الشیخ الیوسفی الغروی لمحمد الاصغر رضی الله عنه لیس فی محله، لأنه مع کل هذه المصادر التی ذکرناها، لا عذر لهما فی ترک ذکره إلا للاختصار أو سبب آخر، فتأمل.
بعد الانتهاء من المصادر التی لم تذکره نتحدث الآن عن المصادر التی شککت فی أصل مشارکة محمد الأصغر المکنی بأبی بکر رضی الله عنه فی معرکة الطف مع أخیه الحسین علیه السلام فی العاشر من المحرم لعام (61) هجری، وهی:
أولا: مقتل أبی مخنف: قال: وقُُتِلَ أبو بکر بن علی بن أبی طالب وأمه لیلی ابنة مسعود بن خالد بن مالک بن ربعی بن سلمی بن جندل بن نهشل بن دارم، وقد شک فی قتله. ((1))
ثانیا: المؤرخ الطبری الشافعی وقد نقل نصّ قول أبی مخنف ولم یزد أو یُعلق علیه حرفا. ((2))
ص: 73
ثالثا: کتاب أنصار الحسین علیه السلام للعلامة محمد مهدی شمس الدین (قده)، فانه بعد ذکره سبعة عشر اسما متفقاً علی شهادتهم فی عاشوراء قال: هؤلاء السبعة عشر هم الذین ثبت عندنا أنهم استشهدوا فی کربلاء من بنی هاشم لإجماع المصادر الأساسیة علی ذکرهم. أما من عداهم فسنعرض أسماءهم فیما یلی، مع شکنا فی کونهم ممن رزق الشهادة مع الإمام الحسین ابن أبی طالب علیهم السلام فی کربلاء.((1)) وقد نفی شهادة أبی بکر بن علی رضی الله عنه فی معرکة الطف اعتمادا علی تشکیک الطبری، قال (قده): وهذا التعبیر من الاصبهانی یدعونا أیضا إلی الشک فی شهادته فی کربلاء.((2))
ونجیب علیهم بما یلی:
إن المقتل المتداول والمطبوع الیوم لأبی مخنف لیس هو النسخة الأصلیة، وإنما هو النسخة المأخوذة عن کتاب تاریخ الطبری. وهذا یدل علی أن النسخة الأصلیة کانت موجودة عند الطبری ینقل عنها، والظاهر انه لم ینقلها بتمامها وإنما نقل بعضا منها، والسبب فی ذلک معروف وهو خوفه من السلطة العباسیة فی زمانه،وثانیا طبیعة الاتجاهات المذهبیة الحاکمة،ونفس مذهب وانتماء الطبری یمنعه من نقل بعض حقائق واقعة کربلاء، ولذلک ورد
ص: 74
فی هذه النسخة مما لا یتناسب وحادثة الطف والإِبَاءِ العلوی وغیر ذلک من المؤاخذات علیه. فظاهر کلام الطبری أن أبا مخنف هو المؤصل لهذا الشک.
أقول: ولو فرضنا أن الشکَ من کلام أبی مخنف، فان منشأه عدم حصوله علی الخبر الصحیح، فلعل الأخبار فی عصره کانت متضاربة حول شهادة محمد الأصغر، فما حصل علیه من الأخبار لم یکن تاما کاملا، وعلیه فإن شکه فی قتل أبی بکر محمد الأصغر ابن علی رضی الله عنه لا یدل علی عدم الشهادة، بل لا یُطمَئنُ الیه، وکما قیل فان عدم الوجود لا یدل علی عدم الوجدان، ومما لا شک فیه أن هناک أحداثا کثیرة خفیت علی أبی مخنف لم ینقلها لعدم سماعه بها وقد غابت عنه وعن غیره، ومع ذلک تبقی عقدة الأمانة العلمیة فی النقل فی ذمة ابن جریر الطبری.
ثم إن مقتل الإمام الحسین علیه السلام وشهادته قد أذهل الجمیع مما أدی إلی نسیان مصابهم وغفلتهم عن بقیة الأحداث، فکان سببا فی خفاء الکثیر من أحداث کربلاء التی استمرت علی الأقل ثمانیة أیام من یوم نِزُولِ الإمام الحسین علیه السلام فی عرصات کربلاء والی عاشوراء الدامی، الذی وقعت فیه من الحوادث الکثیرة والدقیقة إلا إن بعضا منها لم یصلنا، لعظمة مصاب الإمام الحسین علیه السلام التی أذهلت أهل بیته (علیهم السلام) ومن بقی ونجا من القتل، ممن حضر الواقعة، فالظاهر أن وقوع الشک والاختلاف فی بعض أخبار وحوادث عاشوراء کان سببه ما ذکرنا.
ص: 75
فانه ناقلُ الشکِ، ولکنه لم یبین أو یبرر سبب الشک، وإنما ذکره بعد أن نقل رأی أبی مخنف، قال الطبری فی تاریخه: وقُتِلَ أبو بکر بن علی بن أبی طالب، وأمه لیلی ابنة مسعود بن خالد بن مالک بن ربعی بن سلمی بن جندل ابن نهشل بن دارم، وقد شک فی قتله. ((1))
ومع ذلک فإن القول بالشک فی مقتله دلیل علی مشارکته فی معرکة کربلاء، ولکنه یلزم منه انه لم یسقط شهیدا أو انه جُرِحَ واُخِذَ مع الأسری ثم أخذه اخواله واستنقذوه من جیش ابن سعد، وجاءوا به إلی مضاربهم وبقی عندهم حتی توفی.
وکما قلنا سابقا انه یلزم من هذا القول: أن وفاته کانت بعد العاشر من المحرم الحرام لسنة (61) للهجرة، وعلی هذا فالقول بالشک فی شهادته لا ینفی ثبوت مشارکته فیها.
وعلی هذا یتوجه سؤال لأبی مخنف والطبری، هو أین اختفی(محمد الأصغر)؟ وهنا عدة احتمالات للاجابة:
منها: انه جُرِحَ وأُخذَ أسیراً، وهذا لم نجد له ذِکراً فی المصادر.
منها: انه هرب من المعرکة، وهذا مستحیل قطعا، لان نفوس بنی هاشم وأنصارهم تأبی ذلک.
ص: 76
ومنها: انه جُرِحَ فی المعرکة وهو علی فرسهِ فهامت به فی بیداء کربلاء، وهذا بعید جدا لانَّ جیشَ ابن سعدٍ قد ملأ ارضَ کربلاء بالجیش فقد بَلغَ عددُهم (30000) ألفاً کما فی الروایة المعتبرة عن الإمام السجاد علیه السلام،((1)) وکذلک روایة الإمام الصادق علیه السلام،((2)) وعلی روایة (100،000) ألف((3))، ومعلوم أنَّ نسبةَ المقاتلین فی مدینة الکوفة وصل إلی (000/100) مئة ألف مقاتلٍ وهی النسبة الموجودة منذ یوم تأسیسها((4)). وعلیه لا یمکن لأحد أن ینجو منهم، وهذا ما جری فعلا.
فإنه لم یقطع فی شکه وإنما جعله فی حیز الاحتمال، بل احتمل أیضا أن الشک جار حتی فی السبعة عشر المتفق علی شهادتهم قال: هؤلاء السبعة عشر هم الذین ثبتَ عندنا أنَّهم أُسْتُشهدوا فی کربلاء، أما مَنْ عداهم فسنعرضُ أسماءَهم فیما یلی، مع شکِنا فی کونِهم ممن رُزِقَ الشهادةَ مع الإمام الحسین علیه السلام فی کربلاء، ونُقَدِرُ أنَّ بَعضَهم قدْ أُستُشْهدَ فی مواقعٍ أُخری متأخرة وقد اختَلطَ أَمرُهُ علی أصحابِ الأخبارِ والمؤرخینَ مع احتمال أنْ یکونَ رأینا
ص: 77
فی عددِ الشهداءِ السبعةَ عشرَ وأسمائِهم خطأً أیضاً.((1))
وهذا الکلام منه (قده) دلیلٌ علی شکهِ فی أصلِ الشکِ وکما قِیلَ الشکٌ فی الحُجِیةِ ینفی اِعتِبارها، وهذا دلیلٌ علی رُجحَانِ طرفِ الإثبات.
ثم إنَّ الشیخَ شمسَ الدین (قده) قد ذکر خروج وشهادة أخیه عمر بن علی رضی الله عنه وقد أُتُفِقَ علی شهادتِهِ بین المؤرخین وأنَّ خُرُوجَهُ کان بعدَ خُروجِ أخِیِهِ أبی بکر ناصراً لهُ، کما ذکرنا فی کیفیة شهادة أبی بکر وخروجه فراجع.
وأخیراً: یظهرُ مما ذکرناه مِنَ الشکوک والإجابة علیها أنَّا نطمئِنُ إلی مشارکتِهِ وشهادتِهِ رضی الله عنه، حسبَ المصادرَ التاریخیةِ، وأنَّ کلَّ مَنْ جاءَ إلی کربلاء مع الإمام الحسین علیه السلام قد أُسْتُشْهِدَ إلا ما دلَّ علیهِ الدلیلُ التاریخی القطعی، أمثالُ الإمام زین العابدین علی بن الحسین والحسن المثنی والباقر (علیهم السلام) وعقبة بن سمعان خادم الرباب وبعض النسوة. ((2))
فالأدلةُ کلُها تدلُ علی أَنَّهُ لم ینجُ من أصحابِ الحسین علیه السلام مِنَ الرجالَ إلا هؤلاءِ، وکذلک أخبارُ جندِ الطرفِ الضالِ، کلُهُا تُؤَکِدُ أنَّهُ لم یَنْجُ أحدٌ منهم ویکفی بهذا دلیلاً علی شهادتِهِ. فلا یبقی مجالٌ للشکِ فی شهادتِهِ رضی الله عنه.
ص: 78
لقد کتب الأستاذ الفاضل الأدیب الأریب شاعر أهل البیت الأستاذ المهندس محمد عبد المحسن شعابث((1)) (اعزه الله تعالی) قصیدة فی حق صاحب الذکری تقریظا للکتاب الذی أرسلته له قبل الطبع وقد أتحفنا بهذه القصیدة الراقیة وبمضامین عالیة کشفت عن مضمون الکتاب، والظاهر منها أنها القصیدة الأولی فی الشعر الحلی التی ذَکَرَتْ سیدنا محمداً الأصغر ابن الإمام علی علیه السلام فجزاه الله تعالی عن أهل البیت (علیهم السلام) خیرا وانما کتبها بعد طلبی منه ذلک قال:
بسم الله الرحمن الرحیم
القصیدة التی نُظِمَتْ بعد التکلیف بقراءة البحث الموسوم (یتیم عاشوراء من أنصار کربلاء محمد الأصغر أبو بکر بن علی بن أبی طالب "رض") لسماحة الشیخ میثاق عباس الخفاجی الحلی وفقه الله.
ص: 79
یَا قَاصِدَ الحِلَةِ زُرْ خَیْرَ وَلِی
(مُحَمَدَ الأصَغَرَ بَکْرَاً العلی)
زُرْهُ شَهِیْداً نَاصِرَاً أخَاهُ فِی
طِفُوفِِ (کَرْبَلا)(الَحُسَیِنَ بْنَ عَلِیِ)
أبْلَی وَفِی اسْتِشْهَادِهِ جَاءَ بِهِِ
حِفْظَاً لَهُ أخْوَالُهُ مِنْ (نَهْشَلِِِ)
حَتی اسْتَقَ_رَّ فِی صَعِیدٍ طَیِبٍ
فِی(الَحِلةِ) الْفِیْحَاءِ خَیْرِ مَنْزِلِ
وَقَدْ جَلَی (مِیثَاقُ) عَنْ جَوْهَرِهِ
والدُرُّ لابدَّ لهُ أنْ ی_َنْجَلیِ
زُرْهُ ونُحْ عَلِیهِ ذَاکِراً بِ_هِِ
رُزْءَ طُفُوْفٍٍِ فِی الَمَقَامِ الأَوَلِ
کَمْ مُهَجٍ ذَابَتْ بِنِیْرانِ الأسَی
وَادْمُعٍ لِمِثْلِهِ أنْ تُهْمَ__لِِِ
لَکِنَّ هَذِهِ الَدُمُوعَ والأسی
کَانَ_ا أمرَّ لِلْعِدَا مِنْ حَنْظَ_لِ
أمّا لَنَا فَانَّ فِیْهَا عَ_زْمةً
تَبْقَی لِتَحْقِیقِ الأمَانِی تَغْ_تَ_لِی
وَکِی_ْفَ نَنَساهُ وَفِ_ی آفَاقِنَا
نُورُ دِمَاءِ الشُهَدَاءِ یَعْتَ_لِی
وَکَیْفَ نَنْسَاهُ وَفِی قِلُوْبِ_َنا
نَبَضٌ وَفِی أحَفَادِنَِا لِلأَجَ_لِ
لا خَیْرَ فِیْنَا وَالزَمَانِ بِالُوِفَا
إنْ لَمْ نُخَلِدْ کُلَ رَمْزٍ امْثَ_لِ
فَهَؤلاءِ فِی ظَلامِ دَرْبِ_نَا
مَنَائِرٌ سَاطِعَ_ةٌ مِنْ شُعْ_لِ
فَبِئسَتِْ الأُمَةُ أنْ تَقَطَعَتْ
أسْبَابُ مَاضِِیْها وَلَمْ تَتَصِلِ
وبِئسَتِْ الأُخْرَی إعْتَلَتْ بِهِ وَلَمْ
تَجِدَّ فِی حَاضِرَهَا بِالْعَمَلِ
فَلَیْسَ لِلْجُوَادِ قِیْمَ_ةٌ إِذَا
لَمْ یُرْعَ أو مَا کَانَ بِالُمؤصَّلِ
الشاعر محمد عبد المحسن شعابث
کتبها بتاریخ6/5/2011م
ص: 80
ص: 81
وفیه تمهید: الأسماء فی الجاهلیة
ومباحث:
المبحث الأول: وفیه مطلبان:
الأول: تسمیة الأبناء بالأصحاب.
الثانی: حقیقة اسم الخلیفة أبو بکر والتسمیة به.
المبحث الثانی: وفیه مطالب:
الأول: کثرة اسم عمر فی العرب.
الثانی: النهی عن التسمیة باسم الرسول صلی الله علیه وآله وسلم
الثالث: التسمیة بعثمان کثیر فی العرب.
ص: 82
ص: 83
تختلف الأسماء فی الجاهلیة من حیث الوضع والاستعمال فقد کانت الأسماء توضع للمسمیات بحسب المناسبات والأحداث والأماکن وغیرها من المسمیات، وهی طبیعة نفسانیة وهی المعرفة بالمجهول، من خلال وضع دالة علیه لتحدید هویته فیبحث العقل عن الدالة المناسبة لهذا الشیء أو المولود الجدید بحیث یمیزه عن أغیاره المشترکین معه فی الإنسانیة، فینظر المسمی والواضع عما حوله لیبحث عن اسم یمکن أن یناسب المسمی الجدید أو یخلق له اسما من عنده لتکون دلالة وضعیة ومختصة به دون غیره.
وقد کان النقل فی الأسماء بین العرب کثیراً، فان الأسماء المنقولة متداولة فیما بینهم، وهکذا قد یکون النقل من الجملة الفعلیة إلی مسمی معین فتکون اسما له کما فی (یزید ویشکر) وغیرهما. ویمکن الإجمال فی بیان عدد مناسبات وضع الاسم للمسمی فی خمس جهات کانت تلاحظها العرب عند وضع الاسم لمسمی معین قال الجاحظ: الأسماء ضروب، منها شیء أصلی کالسماء، والأرض، والهواء، والماء والنار. وأسماء أُخر مشتقات منها
ص: 84
علی جهة الفأل. وعلی شکل اسم الأب، کالرجل یکون اسمه عمر َفیسمی ابنه عمیراً، ویسمی عمیر ابَنه عمران، ویسمی عمران ابنه معمراً. وربما کانت الأسماء بأسماءِ الله ((1))، مثل ما سمی اللهُ عزّ وجلّ أبا إبراهیم آزر، وسمی إبلیس بفاسق.((2))
وربما کانت الأسماء مأخوذة من أمور تحدث فی الأسماء، مثل یوم العروبة سمیت فی الإسلام یوم الجمعة، واشتق له ذلک من صلاة یوم الجمعة((3)).
والجاهلیون کانوا یحبذون الغرابة فی أسمائهم، وقد علل الزمخشری سبب ذلک قائلا: کُلَّما کان الاسم غریباً کان أشهر لصاحبه وأمنع من تعلق النبز به، قال رؤبة:
قد رَفع العجاج ذکْری فآدعنی
باسمی إذ الأسماءُ طالت یکْفنی((4))
ویشهد بفضل غرابة الاسم قوله تعالی: (لم نَجعل لَّه من َقبلُ سمیًا)((5)) وقال ابن الجوزی: فإن اعترض معترض فقال: ما وجه المدحة باسم لم یسم به أحد قبله. ونری کثیراً من الأسماء لم یسبق إلیها؟
ص: 85
فالجواب: وجه الفضیلة أن الله تعالی تولّی تسمیته ولم یکلْ ذلک إلی أبویه، فسماه باسم لم یسبق إلیه((1)). وفی بحار الأنوار فی قوله تعالی: (إن اللهَ یبشِّرک ِبیحیی)((2)) سماه الله بهذا الاسم قبل مولده، واختلف فیه لم سمی بیحیی؟ فقیل: لان الله أحیا به عقر أمه، عن ابن عباس، وقیل: لأن الله سبحانه أحیاه بالإیمان، عن قتادة، وقیل: لأنه سبحانه أحیا قلبه بالنبوة، ولم یسم قبله أحداً بیحیی.((3))
ولا یخفی علیک بأن تنوع الأَسماء یختلف باختلاف المسمین وما یدور فی خزائن َأخیلتهم مما یألفونه ویجاورونه ویخالطونه.((4))
ص: 86
وفی السیرة الحلبیة عن صاحب شفاء الصدور: إن حلیمة قالت: استقبلنی عبد المطلب فقال: من أنت؟ فقلت: أنا امرأة من بنی سعد.قال: ما اسمک؟ قلت: حلیمة، فتبسم عبد المطلب وقال: بخ بخ سعد وحلم، خصلتان فیهما خیر الدهر وعزّ الأبد، یا حلیمة إن عندی غلاماً یتیماً وقد عرضته علی نساء بنی سعد فأبین((1)) أن یقبلن وقلن: ما عند الیتیم من الخیر، إنّما نلتمس الکرامة من الآباء، فهل لک أن ترضعیه؟.
وهکذا أیضا لما انتهی الإمام الحسین علیه السلام إلی کربلاء وأحاطت به خیل عبید الله بن زیاد لعنه الله، قال: ما اسم تلک القریة وأشار إلی العقر فقیل له: اسمها العقر، فقال: نعوذ بالله من العقر، فما اسم هذه الأرض التی نحن فیها ؟ قالوا: کربلاء، قال: أرض کرب وبلاء.((2))
إذن کان رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم وأهل بیته (علیهم السلام) یتشاءمون من الأسماء القبیحة کما کانوا یتفاءلون بالأسماء الحسنة، وکانوا یأمرون بالتسمیة بالأسماء الحسنة وینهون عن التسمیة بالأسماء السیئة.
وقد اشتهر عن العربی أنه إذا ولد لهم ولد یخرج فأول شیء یستقبله سماه به، فقد یسمی العربی ابنه بأسماء الوحوش أو الحشرات أو النبات، أو
ص: 87
أنه یسمیه بأسماء مبهمة وقبیحة، لأن أکثر أسماء العرب منقولة عما یدور فی خیالهم، ولو تأملت فی القاموس العربی لوقفت علی أسماء لکثیر من الصحابة دالة علی ما نقول، مثل:
١- الأبرد بن طهرة الطهوی التمیمی، والأبرد: النمر.
٢- الأسفع البکری أو الجرمی، صحابیان، والأسفع: الصقر.
٣- الأسلع الأعرجی، یقال: له صحبة، والأسلع: الأبرص.
٤- البرذع بن زید بن عامر، والبرذع: الحلس الذی یلقی تحت الرحل
٥- بغیض بن شماس بن لأی، وبغیض هو قبال المحبوب.
٦- ثعلبة: مؤنث الثعلب، الحیوان المعروف، وقد تسمی به أکثر من أربعین صحابیاً.
٧ - ثور بن مالک الکندی، والثور: الذکر من البقر.
٨ - جحش بن رئاب الأسدی: والجحش: ولد الحمار
9- حرقوص بن زهیر السعدی، والحرقوص: دویبة نحو القراد تلصق بالناس.((1))
وعلیه فالأسماء والکنی والألقاب وضعت عند العرب لدوافع مختلفة عندهم. وقد جاء الإسلام لیقوم بعملیة التغییر علی أساس التکامل فی
ص: 88
المجتمع ومنها الابتعاد عن المسمیات التی تؤدی إلی النبز واللمز والحط من صاحبه کما هو معلوم.
فالعادات الجاهلیة کان لها تأثیر حتی علی المسمیات، وإن الرسول الأکرم صلی الله علیه وآله وسلم کان یثیر مسألة الاسم والکنیة أو اللقب غیر المرغوب فیه أو الذی لا یتناسب مع هویة المسلم فحاول صلی الله علیه وآله وسلم تغییر الأسماء القبیحة وتهذیبها، وخصوصاً التی تحمل مفاهیم خاطئة، کعبد العزّی، وعبد الکعبة، وعبد الحارث، وعبد شمس ؛ لأن الرسول محمداً صلی الله علیه وآله وسلم بدأ دعوته بمفاهیم وقیم لم یعرفها الجاهلیون، مع أنَّهم کانوا یتصورون بأن ما أتی به الرسول ما هو إلاّ تحکیم لسلطانه، فی حین أن الأمر لم یکن کذلک، بل کان یتعلّق برب العالمین والمقررات الإلهیة.
وقد ورد عن الحسن البصری أّنه قال: إن الله لیوقف العبد بین یدیه یوم القیامة اسمه أحمد أو محمد، قال: فیقول الله تعالی له: عبدی أما استحییت منّی وأنت تعصینی واسمک اسم حبیبی محمد ؟ فینکس العبد رأسه حیاءً ویقول:اللهم إنّی قد فعلت [ وندمت ]، فیقول الله عزّ وجلّ: یا جبرئیل خذ بید عبدی وأدخله الجنّة فإّنی أستحی أن أعذّب بالنار من اسمه اسم حبیبی ((1))، وفی مستدرک وسائل الشیعة: إن رجلا یؤتی به فی القیامة واسمه محمد، فیقول الله له: ما استحییت أن عصیتنی وأنت سمی حبیبی! وأنا أستحیی أن
ص: 89
أعذّبک وأنت سمی حبیبی((1)). فبالنتیجة إن وضع الأسماء للمسمیات إنما ینبع من اختیار الإنسان للاسم وبحسب ما یتفاعل معه من المسمیات إیجابا أو سلبا ولذا جاء الإسلام لیقوم بثورة تغییربة لیس علی صعید الدولة بجمیع مؤسساتها وإنما حتی علی صعید الأسماء والمسمیات، وذلک لما لها من دلالات مؤثرة علی شخصیة الإنسان والعاقل لا یختار من الأسماء إلا الحسن منها،فقد کان الرسول صلی الله علیه وآله وسلم یؤکد کثیرا علی جمالیة الاسم وارتباطه واشتقاقه عن أسماء الله تعالی وصفاته.
ص: 90
وفیه مطالب:
لقد سمی أهل البیت (علیهم السلام) بعض أبنائهم بأسماء تتشابه مع بعض أسماء الصحابة، فالتبس علی البعض حتی زعم بعض المدافعین عن السیاسة الخاطئة للخلفاء الثلاثة ومواقفهم المعادیة لأهل البیت (علیهم السلام) وأصحابهم (رضوان الله تعالی علیهم) أن هذه التسمیة دلیل علی حسن العلاقة والمودة القائمة والشدیدة وطیبها مع الخلفاء، حتی وصل الأمر بهؤلاء المدعین للدفاع عن الإسلام بتکذیب کل المصادر والنصوص التی أشارت إلی وجود الصراع السیاسی علی السلطة وزحزحة الإمام علی والأئمة (علیهم السلام) من بعدهم عن المقام الذی وضعهم الله تعالی فیه وجاء البعض الآخر لیهدم تراث أهل البیت (علیهم السلام) ویضعفه وینسبه إلی الوضع کل ذلک کی لا تنکشف الحقائق التی ذکروها بلسانهم للخاصة وفی
ص: 91
بعض الأحیان للعامة ومن هذا التراث العریق والکنز الدفین کتاب نهج البلاغة فکذب بعض الجهال نسبة خطب ورسائل وحکم نهج البلاغة للإمام علی علیه السلام، ونسبوه إلی السید الرضی رضی الله عنه، ((1)) واتهموا الشیعة بالکذب والافتراء، مع اهتمام الکثیر من العلماء من أهل الجرح والتعدیل بکلامه والاستشهاد به.
وإذا تحدث شیعة أهل البیت عن حقائق التاریخ الإسلامی قذفوا بأنواع التهم وبأنهم أهل فتنة فی الدین ویریدون تفریق المسلمین وأهم وضاعون للحدیث وأنهم عملاء وأصولهم الاعتقادیة فارسیة أو صفویة کل ذلک لأنهم یقولون الحق ویهذبون التاریخ ویصححونه ویکشفون حقائقه للناس وللمتطلعین لإسلام نقی من التحریف والوضع ولیس لأجل الفتنة والفرقة کما یزعم البعض..
فالحقیقة: أن هؤلاء یحاولون التدلیس علی المسلمین بإخفاء حقائق التاریخ، وکی لا ینکشف الظالم من المظلوم فتنقلب الأمة الإسلامیة ضدهم ویرجعون إلی صواب الحق والحقیقة، وهی أن أهل بیت النبوة قد ظلموا من قبل بعض أصحاب رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم بعد وفاته وأمام صمت الرأی العام للمسلمین وللأسف الشدید، واشتد الظلم علیهم بعد أن
ص: 92
تسلم القوم حکم البلاد باسم الإسلام، ویأتی المتأخرون ممن یحسبون أنفسهم علی العلم والعلماء ولیسوا منهم، محاولین تکذیب التاریخ من اجل إبقاء الأمة الإسلامیة علی ضلالتها وانحرافها عن الصراط المستقیم.
ولذلک یحاول خلفهم من المدلسین التمسک بأدلة واهیة وضعیفة فی إثبات عدم وجود خلاف واخطاء مرتکبة عن عمد أو غیره منهم.
ومن أدلتهم الضعیفة والواهیة علی عدم وجود خلاف بینهم وبین أهل بیت العصمة (علیهم السلام)، أن أهل بیت النبوة قد سموا بعض أبنائهم بأسماء الخلفاء، وبالخصوص الإمام علی علیه السلام، فزعموا عمدا لا متوهمین انه علیه السلام قد سمی بعض أبنائه علی أسماء الخلفاء وانها دلیل علی محبته علیه السلام لهم وعدم وجود الخلاف بینهم !! وهذا دلیل ضعیف لا یصدر من عُلِیم لا عالم. وللإجابة علی هذا الزعم الباطل نقول بعون الله تعالی ما یلی:
الجواب:
المعروف أن عثمان بن علی الشهید بکربلاء هو من ولد فاطمة بنت حزام الکلابیة المعروفة بأم البنین، وهو أخو قمر بنی هاشم أبی الفضل العباس علیه السلام، وأبو بکر الشهید بکربلاء هو من ولد لیلی بنت مسعود الدارمیة، وقد أکد الشیخ المفید رضی الله عنه فی الإرشاد: أن أبا بکر هی کنیته لا اسمه.أما اسمه فهو محمد الأصغر. وأما عمر بن علی فأمه أم حبیبة
ص: 93
بنت ربیعة.((1)) فهل یوجد أی دلیل علی أن التسمیة کانت بالترتیب لیوافق ترتیب الخلفاء، لو قبلنا أن اسم محمد الأصغر ابن أمیر المؤمنین علیه السلام هو أبو بکر، إلا أنها کنیة وقد وضعت من قبل المؤرخین ولم تکن معروفة فی عصره ولم یکنَّ بها کما ذکرنا فی الفصل الأول عند الحدیث عن الکنیة، فراجع. کما وقد وضح لنا الإمام علی علیه السلام سبب تسمیة ولده بعثمان قال علیه السلام: إنما سمیته باسم أخی عثمان بن مظعون.((2)) فهذا تصریح واضح لسبب التسمیة وأن التسمیة لم تکن لأجل شخص آخر.
لم تکن کنیة أبی بکر حجرا علی الخلیفة الأول أبی بکر بن أبی قحافة، وإنما کان الکثیر من العرب قبل الإسلام وبعده قد تکنی بذلک وأما من سمی بذلک قبل الإسلام فأمثال:
أبو بکر الحضرمی وأبو بکر الانباری وأبو بکر الوراق (احمد بن عبد الله بن احمد بن جلین الدوری) وأبو بکر الجعابی (محمد بن عمر بن سلم بن البراء بن سبرة) ولاحظ اسم أبیه عمر وأبو بکر(احمد بن کامل بن خلف بن شجرة) وأبو بکر التمیمی الیربوعی (عباد بن صهیب) وأبو بکر الضریر (محمد بن عیسی بن هارون( وأبو بکر الرازی (محمد بن خلف (وأبو بکر
ص: 94
الرازی محمد بن یوسف وأبو بکر محمد بن القاسم وأبو بکر الکاتب المعروف بابن أبی الثلج البغدادی محمد بن احمد بن محمد وأبو بکر النحوی المؤدب محمد بن جعفر بن محدم بن عبد الله وأبو بکر محمد بن احمد بن یعقوب بن شیبة وأبو بکر عیسی بن عبد الله القمی وأبو بکر الحضرمی عبد الله بن محمد وأبو بکر الفهفکی ابن أبی طیفور المتطبب وأبو بکر العنابی وأبو بکر احمد بن منصور وأبو بکر السنسنی احمد بن إبراهیم وأبو بکر کومان المدنی محمد بن إسحاق بن یسار.
فالنتیجة لا دلیل علی أن التسمیة کانت لأجل المحبة والتعظیم لأحد من هؤلاء، لأن التاریخ ینقل وجود أفراد کانوا بنفس أسمائهما کما ذکرنا بل الکراهة ثابتة.
کما أنَّ هذه الأسماء- اعنی الخصوم- ومنهم بنو أمیة أمثال رأس الشیطان معاویة بن أبی سفیان کان موجودا حتی فی الثقات من أصحاب الأئمة علیهم السلام أمثال معاویة ویزید مثل: معاویة بن عمار((1)) ومعاویة بن
ص: 95
وهب((1)) ویزید بن سلیط((2))، ولم نسمع أن الأئمة علیهم السلام نهوا عن التسمیة بتلک الأسماء. نعم ورد النهی علی نحو الکراهة التسمیة بخالد وحارث ومالک وحکیم والحکم وضریس وحرب وظالم وضرار ومرة. فقد روی الکلینی بسنده عن حمّاد بن عثمان، عن أبی عبد الله علیه السلام قال: إن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم دعا بصحیفة حین حضره الموتُ یریدُ أنْ ینهی عن أسماء یتسمی بها، فقُبِضَ ولم یُسمها، منها: الحکم وحکیم وخالد ومالک، وذکر أنها ستة أو سبعة مما لا یجوز أن یتسمی بها. وعنه أیضا بسنده عن محمد بن مسلم، عن أبی جعفر علیه السلام قال: إنَّ أبغضَ الأسماءِ إلی الله حارث ومالک.((3))
ص: 96
کما ویُستحبُ التسمیةُ بما فیه عبودیة الله مثل عبد الله وعبد الرحمن، والتسمیة بأسماء الأنبیاء وبالخصوص اسم نبینا محمد صلی الله علیه وآله وسلم واسم الإمام علی علیه السلام وأسماء الأئمة علیه السلام، فقد روی الکلینی فی الکافی عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عیسی، عن ابن فضال، عن أبی إسحاق ثعلبة بن میمون، عن رجل قد سماه، عن أبی جعفر علیه السلام قال: أصدق الأسماء ما سمی بالعبودیة وأفضلها أسماء الأنبیاء.
وعن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، بسنده عن أبی عبد الله علیه السلام قال: حدثنی أبی عن جدی قال: قال أمیرُ المؤمنین علیه السلام: سموا أولادکم قبل أن یولدوا فإن لم تدروا أذکر أم أُنثی فسموهم بالأسماء التی تکون للذکر والأنثی فإن أسقاطَکم إذا لقوکم یوم القیامة ولم تُسموهم یقولُ السِقطُ لأبیه: ألا سمیتنی؟ وقد سمی رسول الله صلی الله علیه وآله مُحسناً قبل أنْ یُولد، وعن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن حمد بن خالد، بسنده عن أبی الحسن علیه السلام قال: أول ما یبر الرجل ولده أن یسمیه باسمٍ حَسنٍ، فلیُحسنْ أحدُکم اسمَ ولدِهِ.
وعن أحمد بن محمد، بسنده عن أبی عبد الله علیه السلام قال: لا یُولدُ لنا ولدٌ إلا سمیناه محمداً فإذا مضی (لنا) سبعةُ أیام فإنْ شئنا غیرنا وإن شئنا ترکنا. ((1))
ص: 97
ونکتفی بهذا القدر من إبطال ما یدعیه البعض من أن الإمام علیاً علیه السلام سمی أسماء أبنائه بهم، وقد بینا أن الإمام علی بن أبی طالب علیه السلام له موقفٌ علیهم، بل انه علیه السلام کان یکره محضر عمر فی داره أو فی مکان آخر، فکیف یسمی ولده بأسماء من یکره حضورهم فأین المودة التی یدعیها البعض، ((1)) ولو فرضنا وتنزلنا وقبلنا انه علیه السلام سمی أبناءه حبا بالخلفاء لیثبت عدم وجود خلاف بینه وبینهم، وأن بینهم مودة ورحمة، إذا فلماذا لم یسمِ بعضُ الأصحابِ والخلفاءُ مِنْ قَبُلِهِ ومِنْ بعده أسماء أبنائهم بأسماء الإمام علی وولده (علیهم السلام) ؟
الجواب واضح جدا: البغض والحسد لآل البیت (علیهم السلام). ولا نقول جمیع الأصحاب، نعم هناک من سمی أبناءه بأسماء أهل البیت (علیهم السلام) لکن مع حذرٍ وخوفٍ شدیدین من السلطان أو عتب من الأقران.
ولو تجاوزنا ما فات فإن هناک أشخاصا آخرین بین الصحابة باسم أبی بکر وعمر وعثمان، فما الدلیل علی أن أمیر المؤمنین علیه السلام أراد خصوص الخلفاء الثلاثة من جهة حبه لهم؟ !فقد نقل ابن الأثیر فی باب الکنی عن کتاب (أُسدُ الغابة) عن الحافظ أبی مسعود أن هناک صحابیا آخر اسمه أبو بکر. هذا لو سلمنا بأن اسم الخلیفة الأول هو (أبو بکر).
ص: 98
أما بخصوص أبی بکر ابن أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب علیه السلام فلم یُعلمْ أنَّ هذا هو اسمه، فقد أکد الشیخُ المفیدُ رضی الله عنه: أن أبا بکر کنیته، لا اسمه أما اسمه فهو محمد الأصغر. ((1)) کما انه لم یُعلمْ أنَّ اسم الخلیفة الأول هو أبو بکر، فقد قال ابن الأثیر بعد أن عنونه باسم عبد الله بن عثمان أبو بکر الصدیق قال: وقد أُختُلِفَ فی اسمه، فقیل: کان عبد الکعبة فسماه رسول الله (صلی الله علیه وآله) عبد الله. وقیل: إن أهله سموه عبد الله. ویقال له عتیق أیضا".((2)) والتراجم قد نقلت لنا مَنْ تکنی بأبی بکر غیر ابن أبی قُحافة وهم کُثر أمثال: أبو بکر بن شعوب اللیثی واسمه شداد((3)) وأبو بکر عبد الله بن الزبیر.((4))
ص: 99
ص: 100
ویمکن مراجعة کتب التاریخ ومعاجم الصحابة وتراجمهم کطبقات ابن سعد وأسد الغابة والإصابة فی معرفة الصحابة وغیرها لنری أکانت هذه الأسماء حِکرا علی الخُلفاءِ أم أنها مشهورة معروفة ولنذکر بعض هذه الأسماء .
أما التسمیة بأبی بکر فأولاً: لم یعلم أن أبا بکر هو اسمه المعین والمختص به فقد ذکر ابن الأثیر بعد أن عنونه باسم عبد الله بن عثمان أبو بکر الصدیق: وقد اختلف فی اسمه، فقیل: کان عبد الکعبة، فسماه رسول الله (ص) عبد الله ((1)). وقیل: إن أهله سموه عبد الله. ویقال له عتیق أیضاً((2)).
وأما أبو بکر بن علی رضی الله عنه شهید کربلاء فاسمه محمد الأصغر، وقد أکد الشیخ المفید فی الإرشاد أن أبا بکر هی کنیته لا اسمه.((3))
وعلی هذا فلا دلیل علی أن هذه الکنیة لمحمد الأصغر من اجل الخلیفة تیمنا به وإظهارا لحبه علیه السلام له. وقد یکون الغرض تیمنا بشخص آخر کنیته أبو بکر، ثم إن الإمام علیاً علیه السلام کان ینادیه
ص: 101
بمحمد الأصغر ویحتمل أن أمه کانت تکنیه بأبی بکر، وقد یکون لأجل واحد من المسمیات التی کانت شائعة فی ذلک الوقت وهو غیر محصور بالخلیفة الأول کما سنبین،، هذا کله إن تنزلنا وقلنا أن الواضع لها هو الإمام علیه السلام، وإلا فالدلیل خلاف ذلک کما أثبتناه فراجع.
ویحتمل أنّه حصل بین المؤرخین اختلاط فی التسمیة مع ابن الإمام الحسن علیه السلام شهید کربلاء والمکنی بأبی بکر، یقول العلامة الشهرستانی: وأما ما قالوه من وجود اسم (أبی بکر) بین ولد الإمام علی فهو غیر صحیح، فهو کنیة ولیس باسم، فقد یکون هو کنیة لابن الحسن بن علی فسقط الحسن أو اسقط فقالوا أبو بکر بن علی، أو هو لأحد ولد عبد الله بن جعفر المتزوج بلیلی النهشلیة بعد استشهاد الإمام علی ((1)).وقد یکون الأمر شیئا آخر وهو أن یکون للإمام ابن اسمه محمد أو عبد الله من لیلی النهشلیة الدارمیة، وکان هذا یکنّی بأبی بکر، والمؤرخون والنسابة عرُفوه بهذه الکنیة کی یمیزوه عن أخویه عبد الله ابن أم البنین الکلابیة، ومحمد الأصغر ابن أم ولد ؛ الشهیدین فی واقعة کربلاء، وهناک احتمالات أخری.
وقال الشهرستانی: ومن المؤسف أن المؤرخین وأصحاب المقاتل غَیروا کنیة محمد أو عبد الله من أبی بکر وجعلوه اسماً له لظروف ارتأوها، فسموا مَنْ قُتِلَ فی کربلاء بأبی بکر بن علی کی یکملوا أسماء الخلفاء
ص: 102
الثلاثة بین ولد علی، ویعنون بذلک المسمی بعبد الله أو محمد ابن لیلی النهشلیة الدارمیة.
فقد یکون هذا هو الذی وقع ذکْره فی زیارة الناحیة (الرجبیة) إذ فیها:(السلام علی محمد ابن أمیر المؤمنین، قتیل الأبانی الدارمی لعنه الله وضاعف علیه العذاب الألیم، وصلّی الله علیک یا محمد وعلی أهل بیتک الصابرین) ((1))، وقد یکون هذا السلام وقع علی أخیه الذی هو ابن أم ولد ولیس علیه، کما فی بعض النصوص.
ص: 103
ص: 104
فنحن ندعی أن أمیر المؤمنین علیه السلام سمی اسمه حبا فی ربیب رسول الله وتکریما لام سلمة رضی الله عنه لا غیر. ثم إن الکثیر من الصحابة کان اسمهم عمر کعمر الیمانی وعمر بن الحکم السلمی وعمر بن سراقة ممن شهد بدراً وعمر بن سعد أبو کبشة الانماری وعمر بن سفیان بن عبد الأسد ممن هاجر إلی الحبشة وعمر بن عمیر بن عدی الأنصاری وعمر بن عوف النخعی وعمر بن یزید الکعبی وعمر بن عمرو اللیثی وعمر بن منسوب وعمر ابن لاحق وعمر بن مالک وعمر بن مالک القرشی الزهری ابن عم والد سعد بن أبی وقاص وعمر بن معاویة الغاضری وعمر الأسلمی وعمر بن أبی سلمة ربیب النبی «صلی الله علیه وآله وسلّم» أمه أم سلمة وعمر الخثعمی. ((1))
ص: 105
وعجیب ممن یقول کانت التسمیة لأجل المودة بینهما ولا أدری ایَّ مودة یتشدقون بها ویزعمون وجودها إلا لدحض حجة الشیعة بما أثبتوه من أدلة تکشفُ حقیقةَ المؤامرة التی حِیکت ضد الإمام علی علیه السلام وولده لإخفاء اسمه وحقه، والحقیقة أنه لم تکن هناک مودةٌ بین الإمام علی علیه السلام وعمر وأمثاله، نعم کانت مصلحةُ الإسلام تقتضی السیاسة،((1)) ومما
ص: 106
یدل علی کراهیة الإمام لهذا الرجل مارواه البخاری فی صحیحه: انه علیه السلام کان یکره محضر عمر فی داره أو فی مکان آخر.((1))
فکیف یسمی ولده بأسماء من یکره حضورهم، إذن فهذه الأسماء کانت منتشرة ومشهورة ولیست منحصرة علی بعض الناس والأفراد. ومجرد تسمیة الإمام علیه السلام لبعض أولاده بهذا الاسم لا یدل علی المحبة
ص: 107
المدعاة والمودة المزعومة وخصوصا بعد أن ثبت انتشاره تاریخیا والنص علی کراهة هذا الاسم.
وأما من تسمی باسم عمر فأمثال:
عمر بن حفص الکوفی بیاع اللؤلؤ وعمر بن حفص بن غیاث وعمر بن شبیب وعمر بن شجرة وعمر بن شداد الازدی وعمر بن شداد الکوفی وعمر ابن شهاب وعمر بن طرخان وعمر بن عاصم الازدی وعمر بن عاصم الکوفی وعمر بن عبد الله الازدی وعمر بن عبد الله الکوفی وعمر بن عبد الله الثقفی وعمر بن عثمان وعمر بن عجلان وعمر بن عطاء وعمر بن عطاف وعمر بن عکرمة وعمر بن علی بن عمر وعمر بن علی بن یزید وعمر بن حفص الکلبی وعمر بن حنظلة العجلی وعمر بن خالد الافرق وعمر بن خالد المخزومی وعمر بن سختة الکندی وعمر بن سعد وعمر بن الخطاب بن الهیثم الکوفی وعمر بن خلید الکوفی وعمر بن خلیفة الخثعمی الکوفی وعمر بن سعید بن مسروق. ((1))
لقد کان للخلیفة عمر بن الخطاب دور بارز فی التدخل لتغییر أسماء بعض الصحابة وأبنائهم بل منع من التسمیة بأسماء الأنبیاء ونهی الخلیفة عمر ابن الخطاب الناسَ عن التسمیة باسم (محمد) فقد ورد: (أن عمر کتب إلی أهل الکوفة: لا
ص: 108
تسموا أحداً باسم نبی، وأمر جماعةً بالمدینة بتغییر أسماء أبنائهم المسمین ب_(محمد) حتی ذُکِرَ له جماعةٌ من الصحابة أنه أذن لهم فی ذلک فترکهم). ((1)) ولا یمکن تبریر هذا التغییر او المنع من التسمیة باسم محمد صلی الله علیه وآله وسلم علی الإطلاق وإنْ بُرر بما لا یُعقل.
وأما بخصوص عمر ابن أمیر المؤمنین علیه السلام فقد ذکر الذهبی: أن الذی جعل هذا الاسم لصیقا به فی أوساط عامة الناس هو عمر بن الخطاب، فقد سماه باسمه عندما ولد فی أیام خلافته ((2)) ومن المعلوم أن موقع عمر بن الخطاب کخلیفة بیده الحکم یسمح له بجعل الاسم الجدید هو المنتشر علی ألسن الناس، وأما اسمه الحقیقی فلا یُعلم ما هو بالضبط.
وهناک شواهد أخری تُثبت أن عُمرَ قد غیر أسماء بعض الأشخاص غیر ابن الإمام أمیر المؤمنین علیه السلام، مثلا نقل ابن حجر:وروی ابن سعد بإسناد صحیح إلی نافع قال: (کان اسم کثیر بن الصلت قلیلا فسماه عمر کثیرا((3)). (وذکر ابن السنی: طحیل بن رباح أخو بلال بن رباح وقد سماه عمر خالد بن رباح".((4))
ص: 109
وذکر ابن سعد بسنده عن محمد بن المنتشر قال: کان اسم أبی مسروق: الأجدع، فسماه عمر عبد الرحمن".((1))
وکذلک یستفاد من تاریخ عمر بن الخطاب أنه غیر أسماء مجموعة من الأشخاص من الذین کانوا علی أسماء الأنبیاء!!! وقد یکون عمر ابن أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب علیه السلام أحدهم.فقد نقل ابن الأثیر فی ترجمة عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغیرة المخزومی ما یأتی: (ونشأ عبد الرحمن فی حجر عمر، وکان اسمه إبراهیم فغیر عمر اسمه لما غیر أسماء من تسمی بالأنبیاء وسماه عبد الرحمن). ((2))
ولم یکن اسم عثمان مختصا بعثمان بن عفان فهذه أسماء بعض الصحابة ممن کان اسمهم عثمان بن عثمان بن أبی الجهم الأسلمی وعثمان ابن حکیم وعثمان بن حمید وعثمان بن حنیف وعثمان بن ربیعة بن اهبان هاجر إلی الحبشة وعثمان بن ربیعة الثقفی وعثمان بن سعید بن أحمر الأنصاری وعثمان بن شماس المخزومی وعثمان بن طلحة بن أبی طلحة وعثمان بن أبی العاص وعثمان بن عمار والد أبی بکر وعثمان بن عبد غنم الفهری هاجر إلی الحبشة وعثمان بن عبید الله التمیمی وعثمان بن عثمان
ص: 110
الثقفی وعثمان بن عمرو شهد بدرا وإضافة إلی عثمان بن مظعون، ((1))
ص: 111
الصحابی الجلیل الذی قبّله النبی صلی الله علیه وآله وسلم وهو میت وبکی علیه. ((1))
وقد ذکر الثقفی فی تاریخه عن هبیرة بن مریم، قال: کنّا جلوساً عند علی علیه السلام، فدعا ابنه عثمان، فقال له: یا عثمان، ثمّ قال: إنی لم اسمّه باسم عثمان...، إنّما سمّیته باسم عثمان بن مظعون.((2)) وفی زیارة الناحیة المقدسة: السلام علی عثمان ابن أمیر المؤمنین سمیّ عثمان بن مظعون.((3))
وکذلک عثمان بن حنیف ترجم له ابن الأثیر فی أسد الغابة،((4)) وهو أحد أصحاب الإمام علی علیه السلام شهد معه حرب الجمل، وقد استعمله
ص: 112
الإمام علی علی البصرة، ((1)) وحین مات صلی علیه الإمام علیه السلام. ((2))
فلو سلمنا أن الإمام علیا علیه السلام لم یسمِ ابنه باسم عثمان بن مظعون، فمن باب أولی أن یسمیه باسم صاحبه عثمان بن حنیف، ومن تلک الشخصیات عثمان بن أبی طلحة الذی قتله الإمام علی علیه السلام فی غزوة أحد، ((3)) وعثمان هذا والد الصحابی شیبة بن عثمان بن أبی طلحة. ((4))
وعلیه فلا یمکننا أن نقول بأن عفان والد الخلیفة عثمان سمی ولده باسم مشرک، إذن فالتسمیة لا علاقة لها بالحب والبغض إلا فی بعض الموارد مع وجود الدلیل والقرینة علی التسمیة ومن دونها تبقی مجرد احتمالات لا تمس إلی القطعیة بصلة.
بدأنا بتدوین هذا البحث فی غرة شهر محرم الحرام لعام اثنین وثلاثین وأربع مئة وألف من الهجرة المبارکة وانتهینا منه فی یوم الاثنین لعشر خلون من شهر محرم الحرام لعام ثلاثة وثلاثین وأربعة مئة وألف من الهجرة النبویة المبارکة المصادف السابع عشر من الشهر الثانی عشر لعام أحد عشر وألفین من السنة المیلادیة، وله الحمد والشکر علی نعمه وآلائه والصلاة علی محمد المصطفی وآله وصحبه المنتجبین. انتهی
ص: 113
1. القران الکریم.
2. أبصار العین فی أنصار الحسین / العلامة محمد طاهر السماوی.
3. الإرشاد للمعرفة / للشیخ المفید.
4. أساس البلاغة / للزمخشری.
5. الاستغاثة / لأبی قاسم الکوفی.
6. أسد الغابة / لابن الأثیر.
7. الإصابة فی تمییز الصحابة / لابن حجر العسقلانی.
8. أعلام النبلاء / للذهبی.
9. أعلام النساء المؤمنات / للعلامة محمد حسون.
10. أعلام الهدایة / المجمع العالمی لأهل البیت.
11. أعلام الوری/ للطبرسی.
12. أعیان الشیعة / للعلامة الامینی.
13. الانثربولوجیة لمجتمع الکوفة / السید نبیل الحسنی.
14. أنساب الأشراف / البلاذری.
15. انساب العرب / للعلامة ابن منظور جمال الدین محمد.
16. بحار الأنوار / للعلامة المجلسی.
ص: 114
17. تاریخ الأئمة / الکاتب البغدادی.
18. تاریخ الخمیس / حسین بن محمد الدِّیار بَکْری
19. تاریخ الطبری / لمحمد بن جریر الطبری
20. تاریخ مدینة دمشق / لابن عساکر
21. تحفة الاحوذی فی شرح الترمذی / محمد المبارکفوری
22. تحفة الإزهار / السید الشدقمی
23. ترجمة الحسین / لابن عساکر
24. تفسیر المراغی / العلامة المراغی
25. تفسیر المنار / محمد رشید رضا
26. التقیة / للشیخ الأعظم الأنصاری
27. التقیة فی الفکر الإسلامی / نشر مرکز الرسالة
28. التنبیه والأشراف / للمسعودی
29. تنقیح المقال / المامقانی
30. تهذیب التهذیب / الحافظ ابن حجر العسقلانی
31. الثورة الحسینیة / للفقیه السید الحسین بحر العلوم
32. حلیة الأولیاء / أبو نعیم الأصفهانی
33. حیاة الحیوان / الجاحظ
34. الخرائج والجرائح / لقطب الدین الراوندی
35. خصائص النسائی / النسائی
36. خلاصة الأقوال / العلامة الحلی
37. ربیع الإبرار / الزمخشری
38. روح المعانی / الآلوسی
39. زاد المیسرفی علم التفسیر / عبد الرحمن الجوزی
ص: 115
40. سفینة البحار / للمحدث القمی
41. السلفیة عند السنة والإمامیة / السید محمد الکثیری.
42. سنن ابن ماجة / ابن ماجة
43. السنن الکبری / للبیهقی
44. السیدة رقیة بنت الإمام الحسین علیه السلام / للعلامة علی الخلخالی
45. الشعائر الحسینیة / للشیخ فوزی آل سیف
46. صحیح الاعتقاد / الشیخ المفید
47. صحیح البخاری / البخاری
48. الضعفاء / العقیلی
49. الطبقات الکبری / لابن سعد
50. العدد القویة / للعلامة ابن المطهر الحلی
51. عمدة الطالب فی انساب أبی طالب / لابن عنبة
52. عمدة القاری فی شرح البخاری / العلامة بدر الدین العینی
53. عون المعبود شرح سنن أبی داود / شمس الحق العظیم أبادی
54. عیون أخبار الرضا علیه السلام / للمحدث الصدوق
55. فتح الباری / للعسقلاتی
56. فرسان الهیجاء فی أنصار الحسین / للشیخ ذبیح الله
57. الفصول المهمة / للعلامة عبد الحسین شرف الدین
58. فضائل الصحابة / الإمام أحمد بن حنبل
59. فن الخطابة الحسینیة / للخطیب باقر المقدسی
60. الفوائد الرجالیة / السید مهدی بحر العلوم
61. فیض القدیر / عبد الرؤوف المناوی
62. قواعد الاَحکام فی مصالح الاَنام / عزالدین عبد العزیز السلمی
ص: 116
63. الکافی/ للکلینی.
64. الکامل فی التاریخ / لابن الاثیر
65. کشف الغمة / للاربلی
66. المبسوط / السرخسی الحنفی
67. مثیر الأحزان / أبن نما الحلی
68. المجدی فی انساب الطالبیین / أبی الحسن علی العلوی النسابة
69. المجروحین / لابن حبان
70. مجمع الزوائد / علی بن أبی بکر الهیثمی
71. مجمع النورین / الشیخ ابو الحسن المرندی
72. محسن السقط / مهدی الخرسان.
73. المدخل إلی مذهب ابن حنبل / عبد القادر احمد بدران
74. مراصد الاطلاع / عبد المؤمن البغدادی
75. مراقد المعارف / للعلامة حرز الدین
76. مسألتان فی النص علی امامة الامام علی / للمفید.
77. المستدرک / الحاکم النیسابوری
78. مستدرک سفینة البحار / للشیخ علی النمازی الشاهرودی
79. مسند أحمد بن حنبل / ابن حنبل
80. المشککین فی نهج البلاغة / عادل حسن الاسدی
81. مصادر نهج البلاغة / للشیخ هادی آل کاشف الغطاء
82. المصباح المنیر / الفیومی
83. المصنف / لابن عبد الرزاق الصنعانی
84. معجم البلدان / الحموی
85. مقاتل الطالبیین / لأبی فرج الاصفهانی
ص: 117
86. مقتل الحسین / لأبی مخنف
87. مقتل الحسین / للحجة السید عبد الرزاق المقرم
88. الملهوف فی قتلی الطفوف / السید علی بن طاوس
89. من قضایا النهضة الحسینیة / الشیخ فوزی آل سیف
90. مناقب أل أبی طالب / لابن شهر بن آشوب
91. المناقب أحمد بن حنبل / لابن الجوزی
92. منتهی الآمال / عباس القمی.
93. موسوعة التاریخ الاسلامی / محمد هادی یوسف الغروی
94. موسوعة العتبات المقدسة / للکرباسی
95. نفس المهموم / للمحدث عباس القمی
96. نیل الأوطار / للشوکانی
97. واقع التقیة عند المذاهب / ثامر هاشم حبیب العمیدی
98. وسائل الشیعة / للمحدث الحر العاملی
ص: 118
المحتویات الإهداء. 5
شکر وامتنان. 5
مقدمة اللجنة العلمیة. 5
مُقَدِمةُ الکتاب.. 5
الفصل الأول
المبحث الأول: عدد زوجات الإمِامُ علیٍّ علیه السلام. 5
المبحث الثانی: عدد أبناء الإمامُ علیٍّ علیه السلام. 5
المبحث الثالث: نساءٌ مع الإمامِ الحُسین علیه السلام. 5
ص: 119
الفصل الثانی
المبحث الأول: تاریخ ولادة محمد الأصغر ونشأته. 5
المطلب الأول: زواج الإمام علیه السلام بالسیدة النهشلیة. 5
المطلب الثانی: مَولِدُهُ ونَشْأَتُهُ رضی الله عنه. 5
المطلب الثالث: اسمه وکنیته. 5
وأما کنیته. 5
المَبْحَثُ الثَانِی.. 5
المطلب الأول: تاریخُ حادثةِ عاشوراء وشهادة ابی بکر. 5
المطلب الثانی: کیفیة شَهَادَتُهُ رضی الله عنه. 5
المبحث الثالث.. 5
المطلب الأول: مصادر لم تذکر شهادته رضی الله عنه. 5
المطلب الثانی: مصادر شککت بشهادته رضی الله عنه. 5
أولا: مناقشة فی النسخة الأصلیة لمقتل أبی مخنف... 5
ثانیا: وأما تشکیک الطبری.. 5
ثالثا: وأما الإجابة علی کلام العلامة شمس الدین (قده) 5
قصیدة بکر بن علی رضی الله عنه. 5
قصیدة بعنوان (بَکْراً العلی) 5
ص: 120
الفصل الثالث
تمهید: طبیعة الأسماء فی الجاهلیة. 5
المبحث الأول. 5
الأول: تسمیة الأبناء بالأصحاب... 5
الثانی: استعمال کنیة أبی بکر قبل الإسلام. 5
الثالث: حقیقة اسم الخلیفة أبو بکر والتسمیة به. 5
المبحث الثانی.. 5
الأول: کثرة اسم عمر فی العرب... 5
الثانی: دور عمر بن الخطاب فی تغییر الأسماء. 5
الثالث: التسمیة بعثمان فی العرب... 5
مصادر الکتاب 5
ص: 121
إصدارات قسم الشؤون الفکریة والثقافیة فی العتبة الحسینیة المقدسة تألیف
اسم الکتاب
ت
السید محمد مهدی الخرسان
السجود علی التربة الحسینیة
1
زیارة الإمام الحسین علیه السلام باللغة الانکلیزیة
2
زیارة الإمام الحسین علیه السلام باللغة الأردو
3
الشیخ علی الفتلاوی
النوران ___ الزهراء والحوراء علیهما السلام __ الطبعة الأولی
4
الشیخ علی الفتلاوی
هذه عقیدتی __ الطبعة الأولی
5
الشیخ علی الفتلاوی
الإمام الحسین علیه السلام فی وجدان الفرد العراقی
6
الشیخ وسام البلداوی
منقذ الإخوان من فتن وأخطار آخر الزمان
7
السید نبیل الحسنی
الجمال فی عاشوراء
8
الشیخ وسام البلداوی
ابکِ فإنک علی حق
9
الشیخ وسام البلداوی
المجاب بردّ السلام
10
السید نبیل الحسنی
ثقافة العیدیة
11
السید عبد الله شبر
الأخلاق (تحقیق: شعبة التحقیق) جزآن
12
الشیخ جمیل الربیعی
الزیارة تعهد والتزام ودعاء فی مشاهد المطهرین
13
لبیب السعدی
من هو؟
14
السید نبیل الحسنی
الیحموم، أهو من خیل رسول الله أم خیل جبرائیل؟
15
الشیخ علی الفتلاوی
المرأة فی حیاة الإمام الحسین علیه السلام
16
ص: 122
السید نبیل الحسنی
أبو طالب علیه السلام ثالث من أسلم
17
السید محمدحسین الطباطبائی
حیاة ما بعد الموت (مراجعة وتعلیق شعبة التحقیق)
18
السید یاسین الموسوی
الحیرة فی عصر الغیبة الصغری
19
السید یاسین الموسوی
الحیرة فی عصر الغیبة الکبری
20
الشیخ باقر شریف القرشی
حیاة الإمام الحسین بن علی (علیهما السلام) ___ ثلاثة أجزاء
21 __ 23
الشیخ وسام البلداوی
القول الحسن فی عدد زوجات الإمام الحسن علیه السلام
24
السید محمد علی الحلو
الولایتان التکوینیة والتشریعیة عند الشیعة وأهل السنة
25
الشیخ حسن الشمری
قبس من نور الإمام الحسین علیه السلام
26
السید نبیل الحسنی
حقیقة الأثر الغیبی فی التربة الحسینیة
27
السید نبیل الحسنی
موجز علم السیرة النبویة
28
الشیخ علی الفتلاوی
رسالة فی فن الإلقاء والحوار والمناظرة
29
علاء محمدجواد الأعسم
التعریف بمهنة الفهرسة والتصنیف وفق النظام العالمی (LC)
30
السید نبیل الحسنی
الأنثروبولوجیا الاجتماعیة الثقافیة لمجتمع الکوفة عند الإمام الحسین علیه السلام
31
السید نبیل الحسنی
الشیعة والسیرة النبویة بین التدوین والاضطهاد (دراسة)
32
الدکتور عبدالکاظم الیاسری
الخطاب الحسینی فی معرکة الطف ___ دراسة لغویة وتحلیل
33
الشیخ وسام البلداوی
رسالتان فی الإمام المهدی
34
الشیخ وسام البلداوی
السفارة فی الغیبة الکبری
35
السید نبیل الحسنی
حرکة التاریخ وسننه عند علی وفاطمة علیهما السلام (دراسة)
36
السید نبیل الحسنی
دعاء الإمام الحسین علیه السلام فی یوم عاشوراء __ بین النظریة العلمیة والأثر الغیبی (دراسة) من جزءین
37
الشیخ علی الفتلاوی
النوران الزهراء والحوراء علیهما السلام ___ الطبعة الثانیة
38
شعبة التحقیق
زهیر بن القین
39
السید محمد علی الحلو
تفسیر الإمام الحسین علیه السلام
40
الأستاذ عباس الشیبانی
منهل الظمآن فی أحکام تلاوة القرآن
41
السید عبد الرضا الشهرستانی
السجود علی التربة الحسینیة
42
السید علی القصیر
حیاة حبیب بن مظاهر الأسدی
43
ص: 123
الشیخ علی الکورانی العاملی
الإمام الکاظم سید بغداد وحامیها وشفیعها
44
جمع وتحقیق: باسم الساعدی
السقیفة وفدک، تصنیف: أبی بکر الجوهری
45
نظم وشرح: حسین النصار
موسوعة الألوف فی نظم تاریخ الطفوف __ ثلاثة أجزاء
46
السید محمد علی الحلو
الظاهرة الحسینیة
47
السید عبدالکریم القزوینی
الوثائق الرسمیة لثورة الإمام الحسین علیه السلام
48
السید محمدعلی الحلو
الأصول التمهیدیة فی المعارف المهدویة
49
الباحثة الاجتماعیة کفاح الحداد
نساء الطفوف
50
الشیخ محمد السند
الشعائر الحسینیة بین الأصالة والتجدید
51
السید نبیل الحسنی
خدیجة بنت خویلد أُمّة جُمعت فی امرأة – 4 مجلد
52
الشیخ علی الفتلاوی
السبط الشهید – البُعد العقائدی والأخلاقی فی خطب الإمام الحسین علیه السلام
53
السید عبدالستار الجابری
تاریخ الشیعة السیاسی
54
السید مصطفی الخاتمی
إذا شئت النجاة فزر حسیناً
55
عبدالسادة محمد حداد
مقالات فی الإمام الحسین علیه السلام
56
الدکتور عدی علی الحجّار
الأسس المنهجیة فی تفسیر النص القرآنی
57
الشیخ وسام البلداوی
فضائل أهل البیت علیهم السلام بین تحریف المدونین وتناقض مناهج المحدثین
58
حسن المظفر
نصرة المظلوم
59
السید نبیل الحسنی
موجز السیرة النبویة – طبعة ثانیة، مزیدة ومنقحة
60
الشیخ وسام البلداوی
ابکِ فانک علی حق – طبعة ثانیة
61
السید نبیل الحسنی
أبو طالب ثالث من أسلم – طبعة ثانیة، منقحة
62
السید نبیل الحسنی
ثقافة العید والعیدیة – طبعة ثالثة
63
الشیخ یاسرالصالحی
نفحات الهدایة – مستبصرون ببرکة الإمام الحسین علیه السلام
64
السید نبیل الحسنی
تکسیر الأصنام – بین تصریح النبی 2 وتعتیم البخاری
65
الشیخ علی الفتلاوی
رسالة فی فن الإلقاء – طبعة ثانیة
66
محمد جواد مالک
شیعة العراق وبناء الوطن
67
حسین النصراوی
الملائکة فی التراث الإسلامی
68
ص: 124
السید عبد الوهاب الأسترآبادی
شرح الفصول النصیریة – تحقیق: شعبة التحقیق
69
الشیخ محمد التنکابنی
صلاة الجمعة– تحقیق: الشیخ محمد الباقری
70
د. علی کاظم مصلاوی
الطفیات – المقولة والإجراء النقدی
71
الشیخ محمد حسین الیوسفی
أسرار فضائل فاطمة الزهراء علیها السلام
72
السید نبیل الحسنی
الجمال فی عاشوراء – طبعة ثانیة
73
السید نبیل الحسنی
سبایا آل محمد صلی الله علیه وآله وسلم
74
السید نبیل الحسنی
الیحموم، -طبعة ثانیة، منقحة
75
السید نبیل الحسنی
المولود فی بیت الله الحرام: علی بن أبی طالب علیه السلام أم حکیم بن حزام؟
76
السید نبیل الحسنی
حقیقة الأثر الغیبی فی التربة الحسینیة – طبعة ثانیة
77
السید نبیل الحسنی
ما أخفاه الرواة من لیلة المبیت علی فراش النبی (صلی الله علیه و آله و سلم)
78
صباح عباس حسن الساعدی
علم الإمام بین الإطلاقیة والإشائیة علی ضوء الکتاب والسنة
79
الدکتور مهدی حسین التمیمی
الإمام الحسین بن علی علیهما السلام أنموذج الصبر وشارة الفداء
80
ظافر عبیس الجیاشی
شهید باخمری
81
الشیخ محمد البغدادی
العباس بن علی علیهما السلام
82
الشیخ علی الفتلاوی
خادم الامام الحسین علیه السلام شریک الملائکة
83
الشیخ محمد البغدادی
مسلم بن عقیل علیه السلام
84
السید محمدحسین الطباطبائی
حیاة ما بعد الموت (مراجعة وتعلیق شعبة التحقیق) – الطبعة الثانیة
85
الشیخ وسام البلداوی
منقذ الإخوان من فتن وأخطار آخر الزمان – طبعة ثانیة
86
الشیخ وسام البلداوی
المجاب برد السلام – طبعة ثانیة
87
ابن قولویه
کامل الزیارات باللغة الانکلیزیة (Kamiluz Ziyaraat)
88
السید مصطفی القزوینی
Islam Inquiries About Shi‘a
89
السید مصطفی القزوینی
When Power and Piety Collide
90
السید مصطفی القزوینی
Discovering Islam
91
د. صباح عباس عنوز
دلالة الصورة الحسیة فی الشعر الحسینی
92
حاتم جاسم عزیز السعدی
القیم التربویة فی فکر الإمام الحسین علیه السلام
93
ص: 125
الشیخ حسن الشمری الحائری
قبس من نور الإمام الحسن علیه السلام
94
الشیخ وسام البلداوی
تیجان الولاء فی شرح بعض فقرات زیارة عاشوراء
95
الشیخ محمد شریف الشیروانی
الشهاب الثاقب فی مناقب علی بن أبی طالب علیهما السلام
96
الشیخ ماجد احمد العطیة
سید العبید جون بن حوی
97
الشیخ ماجد احمد العطیة
حدیث سد الأبواب إلا باب علی علیه السلام
98
الشیخ علی الفتلاوی
المرأة فی حیاة الإمام الحسین علیه السلام __ الطبعة الثانیة __
99
السید نبیل الحسنی
هذه فاطمة علیها السلام – ثمانیة أجزاء
100
السید نبیل الحسنی
وفاة رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم وموضع قبره وروضته
101
تحقیق: مشتاق المظفر
الأربعون حدیثا فی الفضائل والمناقب- اسعد بن إبراهیم الحلی
102
تحقیق: مشتاق المظفر
الجعفریات - جزآن
103
تحقیق: حامد رحمان الطائی
نوادر الأخبار – جزآن
104
تحقیق: محمد باسم مال الله
تنبیه الخواطر ونزهة النواظر – ثلاثة أجزاء
105
د. علی حسین یوسف
الإمام الحسین علیه السلام فی الشعر العراقی الحدیث
106
الشیخ علی الفتلاوی
This Is My Faith
107
حسین عبدالسید النصار
الشفاء فی نظم حدیث الکساء
108
حسن هادی مجید العوادی
قصائد الاستنهاض بالإمام الحجة عجل الله تعالی فرجه
109
السید علی الشهرستانی
آیة الوضوء وإشکالیة الدلالة
110
السید علی الشهرستانی
عارفاً بحقکم
111
السید الموسوی
شمس الإمامة وراء سحب الغیب
112
إعداد: صفوان جمال الدین
Ziyarat Imam Hussain
113
تحقیق: مشتاق المظفر
البشارة لطالب الاستخارة للشیخ احمد بن صالح الدرازی
114
تحقیق: مشتاق المظفر
النکت البدیعة فی تحقیق الشیعة للشیخ سلیمان البحرانی
115
تحقیق: مشتاق صالح المظفر
شرح حدیث حبنا أهل البیت یکفر الذنوب للشیخ علی بن عبد الله الستری البحرانی
116
تحقیق: مشتاق صالح المظفر
منهاج الحق والیقین فی تفضیل علی أمیر المؤمنین للسید ولی بن نعمة الله الحسینی الرضوی
117
ص: 126
تحقیق: أنمار معاد المظفر
قواعد المرام فی علم الکلام، تصنیف کمال الدین میثم بن علی بن میثم البحرانی
118
تحقیق: باسم محمد مال الله الأسدی
حیاة الأرواح ومشکاة المصباح للشیخ تقی الدین إبراهیم بن علی الکفعمی
119
السید نبیل الحسنی
باب فاطمة علیها السلام بین سلطة الشریعة وشریعة السلطة
120
السید علی الشهرستانی
تربة الحسین علیه السلام وتحولها إلی دم عبیط فی کربلاء
121
The Aesthetics of Ashura tr
السید نبیل الحسنی
123
نثر الإمام الحسین علیه السلام
د. حیدر محمود الجدیع
124
قرة العین فی صلاة اللیل
الشیخ میتاق عساس الخفاجی
125
من المسیح العائد إلی الحسین الثائر
انطوانان بارا
126
ظاهرة الاستقلاب فی عرض النص النبوی والتاریخ
السید نبیل الحسنی
127
الإستراتیجیة الحربیة فی معرکة عاشوراء: بین تفکیر الجند وتحنید الفکر
السید نبیل الحسنی
128
النبی اصلی الله علیه وآله وسلم و مستقبل الدعوة
مروان خلیفات
129
البکاء علی الحسین علیه السلام فی مصادر الفریقین
الشیع حسن المطوری
130
تفضیل السیدة زهراء علی الملائکة والرسل والأنبیاء
الشیخ وسام البلداوی
131
The Prophetic Life A Concise Knowledge of History
السید نبیل الحسنی
132
معانی الاخبار للشیخ الصدوق
تحقیق : السید محمد کاظم
133
ضیاء الشهاب وضوء الشهاب فی شرح ضیاء الأخبار
تحقیق : عقیل عبدالحسن
134
المنهج السیاسی لإهل البیت علیهم السلام
السید عبد الستار الجابری
135
هوامش علی رسالة القول الفصل فی الآل والأحل
عبدالله حسین الفهد
136
فلان و فلانة
عبدالرحمن العقیلی
137
معجم نواصب المحدثین
عبدالرحمن العقیلی
138
استنطاق آیة الغار
السید نبیل الحسنی
139
دور الخطاب الدینی فی تغییر البنیة الفکریة
السید نبیل الحسنی
140
أنصار الحسین علیه السلام.. الثورة والثوار
السید محمد علی الحلو
141
ص: 127
السنة المحمدیة
عسدالرحمن العقیلی
14٢
قواعد حیاتیة علی ضوء روایات أهل البیت علیهم السلام
الشیخ علی الفتلاوی
143
المثل العلیا فی تراث أهل البیت علیهم السلام
د. محمد حسین الصغیر
144
خاصف النعل
الشیخ ماجد العطیة
145
الإمام موسی بن جعفر علیهما السلام وروایاته الفقهیة
عبد السادة الحداد
146
الإمام حسن العسکری علیه السلام وروایاته الفقهیة
عبد السادة الحداد
147
أصول وقواعد تفسیر الموضوعی
الشیخ مازن التمیمی
148
بحوث لفظیة قرآنیة
عبد الرحمن العقیلی
149
مستدرک الکافی
د. علی عبد الزهرة الفحام
150
الإفصاح عن المتواری من أحادیث المسانید والسنن والصحاح -جزئین
الحاج محسن الخیاط
151
آمنة بنت الحسین علیهماالسلام
السید محمد علی الحلو
152
أمهات الائمة المعصومین - جزئین
د. السید حسین الصافی
153
قراءة فی السیرة الفاطمیة
کفاح الحداد
154
الإیمان والعلم الحدیث
محمد حسین الادیب
155
موسوعة اثار السید المقرم
السید عبد الرزاق المقرم
156
الأمن فی القرآن والسنة
الشیخ خالد النعمانی
157
شخصیة المختار الثقفی عند المؤرخین القدامی
سالم لذیذ والی الغزی
158
الوعی الإسلامی
الشهید السید حسن الشیرازی
159
الشعائر الحسینیة فی العصرین الأموی والعباسی
محمدباقر موسی جعفر
160
الأربعین وفلسفة المشی إلی الحسین علیه السلام
الشیخ حیدر الصمیائی
161
یتیم عاشوراء من أنصار کربلاء
میثاق عباس الحلی
162